فصل
قال الفخر :
اعلم أنه ليس المراد أنه لا يضيع نفس العمل، لأن العمل كلما وجد تلاشى وفنى، بل المراد أنه لا يضيع ثواب العمل، والاضاعة عبارة عن ترك الاثابة فقوله :﴿لاَ أُضِيعُ﴾ نفي للنفي فيكون اثباتا، فيصير المعنى : اني أوصل ثواب جميع أعمالهم إليكم، إذا ثبت ما قلنا فالآية دالة على أن أحدا من المؤمنين لا يبقى في النار مخلدا، والدليل عليه أنه بايمانه استحق ثوابا، وبمعصيته استحق عقابا، فلا بد من وصولهما إليه بحكم هذه الآية والجمع بينهما محال، فإما أن يقدم الثواب ثم ينقله إلى العقاب وهو باطل بالإجماع، أو يقدم العقاب ثم ينقله إلى الثواب وهو المطلوب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٢٢﴾
فصل
قال الفخر :
جمهور المفسرين فسروا الآية بأن معناها أنه تعالى قبل منهم أنه يجازيهم على أعمالهم وطاعاتهم ويوصل ثواب تلك الأعمال إليهم.
فإن قيل : القوم أولا طلبوا غفران الذنوب، وثانيا إعطاء الثواب فقوله :﴿أَنّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مّنْكُمْ﴾ إجابة لهم في إعطاء الثواب، فأين الإجابة في طلب غفران الذنوب ؟
قلنا : إنه لا يلزم من إسقاط العذاب حصول الثواب، لكن يلزم من حصول الثواب سقوط العقاب فصار قوله :﴿أَنّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مّنْكُمْ﴾ اجابة لدعائهم في المطلوبين.
وعندي في الآية وجه آخر : وهو أن المراد من قوله :﴿أَنّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مّنْكُمْ﴾ أني لا أضيع دعاءكم، وعدم إضاعة الدعاء عبارة عن إجابة الدعاء، فكان المراد منه أنه حصلت إجابة دعائكم في كل ما طلبتموه وسألتموه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٢٢﴾
قوله تعالى :﴿مّن ذَكَرٍ أَوْ أنثى﴾
قال الفخر :