وقال بعضهم : لكل شيء جوهر وجوهر الإنسان العقل، وجوهر العقل الصبر، وادعى غير واحد أن جميع المراتب العلية والمراقي السنية الدينية والدنيوية لا تنال إلا بالصبر، ومن هنا قال الشاعر :
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى...
فما انقادت الآمال إلا لصابر
ثم إنه تعالى أمر ثانياً بنوع خاص من الصبر وهي المجاهدة التي يحصل بها النفع العام والعز التام، وقد جاء عن رسول الله ﷺ :" إذا تركتم الجهاد سلط الله تعالى عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " ثم ترقى إلى نوع آخر من ذلك هو أعلى وأغلى وهو المرابطة التي هي الإقامة في ثغر لدفع سوء مترقب ممن وراءه، ثم أمر سبحانه آخر الأمر بالتقوى العامة إذ لولاها لأوشك أن يخالط تلك الأشياء شيء من الرياء والعجب، ورؤية غير الله سبحانه فيفسدها، وبهذا تم المعجون الذي يبرىء العلة وروق الشراب الذي يروي الغلة.