ثم إن الله تعالى وعد من فعل هذا بأمور ثلاثة : أولها : محو السيئات وغفران الذنوب وهو قوله :﴿لأُكَفّرَنَّ عَنْهُمْ سيئاتهم﴾ وذلك هو الذي طلبوه بقولهم :﴿فاغفر لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفّرْ عَنَّا سيئاتنا﴾ [ آل عمران : ١٩٣ ] وثانيها إعطاء الثواب العظيم وهو قوله :﴿وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار﴾ وهو الذي طلبوه بقولهم : وآتنا ما وعدتنا على رسلك، وثالثها : أن يكون ذلك الثواب ثوابا عظيما مقرونا بالتعظيم والاجلال وهو قوله :﴿مِنْ عِندِ الله﴾ وهو الذي قالوه :﴿وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ القيامة﴾ لأنه سبحانه هو العظيم الذي لا نهاية لعظمته، وإذا قال السلطان العظيم لعبده : إني أخلع عليك خلعة من عندي دل ذلك على كون تلك الخلعة في نهاية الشرف وقوله :﴿ثَوَاباً﴾ مصدر مؤكد، والتقدير : لأثيبنهم ثوابا من عند الله، أي لأثيبنهم إثابة أو تثويبا من عند الله، لأن قوله لأكفرن عنهم ولأدخلنهم في معنى لأثيبنهم.
ثم قال :﴿والله عِندَهُ حُسْنُ الثواب﴾ وهو تأكيد ليكون ذلك الثواب في غاية الشرف لأنه تعالى لما كان قادرا على كل المقدورات، عالما بكل المعلومات، غنياً عن الحاجات، كان لا محالة في غاية الكرم والجود والاحسان، فكان عنده حسن الثواب. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٢٣﴾
وقال الآلوسى :
وقوله تعالى :﴿ فالذين هاجروا ﴾ ضرب تفصيل لما أجمل في العمل وتعداد لبعض أحاسن أفراده مع المدح والتعظيم.


الصفحة التالية
Icon