﴿ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ﴾ التي لا يوصف عذابها ﴿ وَبِئْسَ المهاد ﴾ أي بئس ما مهدوا لأنفسهم وفرشوا جهنم، وفيه إشارة إلى أن مصيرهم إلى تلك الدار مما جنته أنفسهم وكسبته أيديهم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ١٧١ ـ ١٧٢﴾
وقال ابن عاشور :
﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ﴾
اعتراض في أثناء هذه الخاتمة، نشأ عن قوله :﴿ فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم ﴾ [ آل عمران : ١٩٥ ] باعتبار ما يتضمّنه عدَمُ إضاعة العمل من الجزاء عليه جزاء كاملاً في الدنيا والآخرة، وما يستلزمه ذلك من حرمان الذين لم يستجيبوا لداعي الإيمان وهم المشركون، وهم المراد بالذين كَفَروا كَمَا هو مصطلح القرّاء.
والخطاب لغير معيّن ممّن يُتوهّم أن يغرّه حسن حال المشركين في الدنيا.
والغَرّ والغرور : الإطماع في أمر محبوب على نيّة عدم وقوعه، أو إظهار الأمر المضرّ في صورة النافع، وهو مشتقّ من الغرّة بكسر الغين وهي الغفلة، ورجل غِرّ بكسر الغين إذا كان ينخدع لمن خادعه.
وفي الحديث :" المؤمن غرّ كريم " أي يظنّ الخير بأهل الشرّ إذا أظهروا له الخير.
وهو هنا مستعار لظهور الشيء في مظهر محبوب، وهو في العاقبة مكروه.
وأسند فعل الغرور إلى التقلّب لأنّ التقلّب سببه، فهو مجاز عقليّ، والمعنى لا ينبغي أن يغرّك.
ونظيره :"لا يفتننّكم الشيطان".
و( لا ) ناهية لأنّ نون التوكيد لا تجيء مع النفي.
وقرأ الجمهور : لا يَغُرّنَّك بتشديد الراء وتشديد النون وهي نون التوكيد الثقيلة ؛ وقرأها رويس عن يعقوب بنون ساكنة، وهي نون التوكيد الخفيفة.
والتقلّب : تصرّف على حسب المشيئة في الحروب والتجارات والغرس ونحو ذلك، قال تعالى :﴿ ما يجادل في آيات الله إلاّ الذين كفروا فلا يَغْرُرْك تَقَلُّبُهم في البلاد ﴾ [ غافر : ٤ ].
والبلاد : الأرض.
والمتاعُ : الشيء الذي يشتري للتمتّع به.
وجملة ﴿ متاع قليل ﴾ إلى آخرها بيان لجملة ﴿ لا يغرنك ﴾.
والمتاع : المنفعة العاجلة، قال تعالى :﴿ وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع ﴾ [ آل عمران : ١٨٥ ]. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٣ صـ ٣١٥ ـ ٣١٦﴾