أما المنكرون فقد احتجوا بأمور : الأول : قوله تعالى حكاية عن إبليس لعنه الله ﴿وَمَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُمْ مّن سلطان إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فاستجبتم لِى﴾
[ إبراهيم : ٢٢ ] صرح بأنه ما كان له على البشر سلطان إلا من الوجه الواحد، وهو إلقاء الوسوسة والدعوة إلى الباطل.
الثاني : لا شك أن الأنبياء والعلماء المحققين يدعون الناس إلى لعن الشيطان والبراءة منه، فوجب أن تكون العداوة بين الشياطين وبينهم أعظم أنواع العداوة، فلو كانوا قادرين على النفوذ في بواطن البشر وعلى إيصال البلاء والشر إليهم لوجب أن يكون تضرر الأنبياء والعلماء منهم أشد من تضرر كل أحد، ولما لم يكن كذلك علمنا أنه باطل.
صفة الملائكة :
المسألة السابعة :
اتفقوا على أن الملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون، يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وأما الجن والشياطين فإنهم يأكلون وشربون، قال عليه السلام في الروث والعظم :
" إنه زاد إخوانكم من الجن " وأيضاً فإنهم يتوالدون قال تعالى :﴿أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِى﴾
[ الكهف : ٥٠ ].
وسوسة الشيطان :
المسألة الثامنة في كيفية الوسوسة بناءً على ما ورد في الآثار : ذكروا أنه يغوص في باطن الإنسان، ويضع رأسه على حبة قلبه، ويلقي إليه الوسوسة واحتجوا عليه بما روي أن النبي ﷺ قال :" إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم، ألا فضيقوا مجاريه بالجوع " وقال عليه السلام :" لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السموات "
ومن الناس من قال : هذه الأخبار لا بد، من تأويلها، لأنه يمتنع حملها على ظواهرها، واحتج عليه بوجوه : الأول : أن نفوذ الشياطين في بواطن الناس محال ؛ لأنه يلزم إما اتساع تلك المجاري أو تداخل تلك الأجسام.


الصفحة التالية
Icon