النكتة السادسة : قال تعالى :﴿لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ المطهرون﴾
[ الواقعة : ٧٩ ] فالقلب لما تعلق بغير الله واللسان لما جرى بذكر غير الله حصل فيه نوع من اللوث، فلا بدّ من استعمال الطهور، فلما قال :﴿أَعُوذُ بالله﴾
حصل الطهور، فعند ذلك يستعد للصلاة الحقيقية وهي ذكر الله تعالى فقال :﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾.
النكتبة السابعة : قال أرباب الإشارات : لك عدوان أحدهما ظاهر والآخر باطن، وأنت مأمور بمحاربتهما قال تعالى في العدو الظاهر :﴿قاتلوا الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله﴾
[ التوبة : ٢٩ ] وقال في العدو الباطن :﴿إِنَّ الشيطان لَكُمْ عَدُوٌّ فاتخذوه عَدُوّاً﴾
[ فاطر : ٦ ] فكأنه تعالى قال : إذا حاربت عدوك الظاهر كان مددك الملك، كما قال تعالى :﴿يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءالافٍ مّنَ الملئكة مُسَوّمِينَ﴾
[ آل عمران : ١٢٥ ] وإذا حاربت عدوك الباطن كان مددك الملك كما قال تعالى :﴿إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلِيهم سلطان﴾
[ الحجر : ٤٢ ] وأيضاً فمحاربة العدو الباطن أولى من محاربة العدو الظاهر ؛ لأن العدو الظاهر إن وجد فرصة ففي متاع الدنيا، والعدو الباطن إن وجد فرصة ففي الدين واليقين، وأيضاً فالعدو الظاهر إن غلبنا كنا مأجورين، والعدو الباطن إن غلبنا كنا مفتونين، وأيضاً فمن قتله العدو الظاهر كان شهيداً، ومن قتله العدو الباطن كان طريداً، فكان الاحتراز عن شر العدو الباطن أولى، وذلك لا يكون إلا بأن يقول الرجل بقلبه ولسانه ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ).


الصفحة التالية
Icon