فرق بين أن يقال :" أعوذ بالله " وبين أن يقال :( بالله أعوذ ) فإن الأول لا يفيد الحصر، والثاني : يفيده، فلم ورد الأمر بالأول دون الثاني مع أنا بينا أن الثاني أكمل وأيضاً جاء قوله :" الحمد لله " وجاء قوله :" لله الحمد " وأما هنا فقد جاء " أعوذ بالله " وما جاء قوله " بالله أعوذ " فما الفرق ؟.
المسألة الثانية :
قوله :( أعوذ بالله ) لفظه الخبر ومعناه الدعاء، والتقدير : اللهم أعذني، ألا ترى أنه قال :﴿وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم﴾
كقوله :" أستغفر الله " أي اللهم أغفر لي، والدليل عليه أن قوله :﴿أعوذ بالله﴾
أخبار عن فعله، وهذا القدر لا فائدة فيه إنما الفائدة في أن يعيذه الله، فما السبب في أنه قال :" أعوذ بالله " ولم يقل أعذني ؟ والجواب أن بين الرب وبين العبد عهداً كما قال تعالى :
﴿وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ الله إِذَا عاهدتم﴾
[ النحل : ٩١ ] وقال :﴿وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾
[ البقرة : ٤٠ ] فكان العبد يقول أنا مع لؤم الإنسانية ونقص البشرية وفيت بعهد عبوديتي حيث قلت :" أعوذ بالله " فأنت مع نهاية الكرم وغاية الفضل والرحمة أولى بأن تفي بعهد الربوبية فتقول : إني أعيذك من الشيطان الرجيم.
المسألة ج : أعوذ فعل مضارع، وهو يصلح للحال والاستقبال، فهل هو حقيقة فيهما ؟ والحق أنه حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال، وإنما يختص به بحرف السين وسوف.
( د ) لم وقع الاشتراك بين الحاضر والمستقبل، ولم يقع بين الحاضر والماضي ؟.
( ه ) كيف المشابهة بين المضارع وبين الاسم.
( و ) كيف العامل فيه، ولا شك أنه معمول فما هو.
( ز ) قوله :( أعوذ ) يدل على أن العبد مستعيذ في الحال وفي كل المستقبل، وهو الكمال، فهل يدل على أن هذه الاستعاذة باقية في الجنة.
( ح ) قوله :( أعوذ ) حكاية عن النفس، ولا بدّ من الأربعة المذكورة في قوله :( أتين ).