الثامنة : في فضل التعوّذ. روى مسلم عن سليمان بن صُرد قال : استَبّ رجلان عند النبيّ صلى الله عليه وسلّم فجعل أحدُهما يغضب ويحمر وجهه وتنتفخ أوداجه ؛ فنظر إليه النبيّ صلى الله عليه وسلّم فقال :" إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ". فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبيّ صلى الله عليه وسلّم فقال : هل تدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم آنفاً ؟ قال :" إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ". فقال له الرجل : أمجنوناً تراني أخرجه البخاري أيضاً. وروى مسلم أيضاً عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه أتى النبيّ صلى الله عليه وسلّم فقال : يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبّسها عليّ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلّم :" ذاك شيطان يقال له خَنْزَب فإذا أحسستَه فتعوّذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً " قال : ففعلت فأذهبه الله عني. وروى أبو داود عن ابن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم إذا سافر فأقبل عليه الليل قال :" يا أرضُ ربّي ورَبّك الله أعوذ بالله مِن شرّك ومن شرّ ما خلق فيك ومن شر ما يَدِبّ عليك ومن أسد وأسْود ومن الحية والعقرب ومن ساكني البلد ووالد وما ولد ". ورَوَتْ خَوْلة بنت حكيم قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول :" مَن نزل منزلاً ثم قال أعوذ بكلمات الله التامات من شرّ ما خلق لم يضرّه شيء حتى يرتحل ". أخرجه المُوَطّأ ومسلم والترمذيّ وقال : حديث حسن غريب صحيح. وما يُتعوّذ منه كثير ثابت في الأخبار ؛ والله المستعان.
التاسعة : معنى الاستعاذة في كلام العرب : الاستجارة والتحيّز إلى الشيء، على معنى الامتناع به من المكروه ؛ يقال : عُذت بفلان واستعذت به ؛ أي لجأت إليه. وهو عياذي ؛ أي ملجئي. وأعذت غيري به وعوّذته بمعنىً. ويقال : عَوْذٌ بالله منك ؛ أي أعوذ بالله منك ؛ قال الراجز :
قالت وفيها حَيْدَةٌ وذُعْر


الصفحة التالية
Icon