وقال مالك - رضي الله تعالى عنه - لا يتعوذ في المكتوبة، ويتعوذ في قيام شهر
رمضان للآية والخبر، وكلاهما يفيد الوجوب، فإن لم يثبت الوجوب، فلا أقل من
الندب.
فصل في الجهر والإسرار بالتعوذ
روي أن عبد الله بن عمر - رضي الله تعالى عنهما - لما قرأ أسر بالتعويذ.
وعن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - : أنه جهر به ؛ ذكره الشافعي - رحمه الله
تعالى - في " الأم " ثم قال : فإن جهر به جاز، [ وإن أسر به جاز ].
فصل في موضع الاستعاذة من الصلاة
قال ابن الخطيب :" أقول : إن الاستعاذة إنما تقرأ بعد الاستفتاح، وقبل الفاتحة،
فإن ألحقناها بما قبلها، لزم الإسرار، وإن ألحقناها بالفاتحة، لزم الجهر، إلا أن المشابهة
بينها، وبين الاستفتاح أتم ؛ لكون كل منهما نافلة ".
فصل في بيان هل التعوذ في كل ركعة ؟
قال بعض العلماء - رحمهم الله - : إنه يتعوذ في كل ركعة.
وقال بعضهم : لا يتعوذ إلا في الركعة الأولى.
حجته : أن الأصل هو العدم، وما لأجله أمرنا بالاستعاذة ؛ هو قوله تعالى :( فإذا قرأت
القرآن فاستعذ بالله ( [ النحل : ٩٨ ] وكلمة " إذا " لا تفيد العموم.
ولقائل أن يقول : إن ترتيب الحكم على الوصف المناسب يدل على العلة ؛ فيتكرر
الحكم بتكرر العلة.
فصل في بيان سبب الاستعاذة
التعوذ في الصلاة، لأجل القراءة، أم لأجل الصلاة ؟
عند أبي حنيفة ومحمد - رضي الله تعالى عنهما - أنه للقراءة [ وعند أبي يوسف :
أنه للصلاة ] ويتفرع على هذا الأصل فرعان :
الأول : أن المؤتم هل يتعوذ خلف الإمام ؟
عندهما : لا يتعوذ ؛ لأنه لا يقرأ وعنده يتعوذ ؛ وجه قولهما قوله تعالى :( فإذا قرأت
القرآن فاستعذ ( [ النحل : ٩٨ ] علق الاستعاذة على القراءة، ولا قراءة على المقتدي.
وجه قول أبي يوسف - رحمه الله - التعوذ لو كان للقراءة ؛ لكان يتكرر بتكرر
القراءة، ولما لم لكن كذلك، بل يتكرر بتكرر الصلاة ؛ دل على أنها للصلاة.