فصل في اشتقاق الاستعاذة وإعرابها


العوذ له معنيان : أحدهما : الالتجاء والاستجارة.
والثاني : الالتصاق ؛ ويقال :" أطيب [ اللحم ] عوذه " هو : ما التصق بالعظم.
فعلى الأول : أعوذ بالله، أي : ألتجئ إلى رحمه الله، ومنه العوذة : وهي ما يعاذ به
من الشر.
وقيل للرقية، والتميمة - وهي ما يعلق على الصبي : عوذة، وعوذة [ بفتح العين
وضمها ]، وكل أنثى وضعت فهي عائذ إلى سبعة أيام.
ويقال : عاذ يعوذا عوذا، وعياذا، ومعاذا، فهو عائذ ومعوذ ومنه قول الشاعر :
[ البسيط ]
١ - ألحق عذابك بالقوم الذين طغوا
وعائذا بك أن يعلوا فيطغوني
قيل : عائذ - هنا - أصله اسم فاعل ؛ ولكنه وقع موقع المصدر ؛ كأنه قال :" وعياذا
بك " وسيأتي تحقيق هذا القول إن شاء الله تعالى.
و" أعوذ " فعل مضارع، وأصله :" أعوذ " بضم الواو ؛ مثل :" أقتل، وأخرج أنا " وإنما
نقلوا حركة الواو إلى الساكن قبلها ؛ لأن الضمة ثقيلة، وهكذا كل مضارع من " فعل " عينه
واو ؛ نحو :" أقوم، ويقوم، وأجول، ويجول " وفاعله ضمير المتكلم.
وهذا الفاعل لا يجوز بروزه ؛ بل هو من المواضع السبعة التي يجب فيها استتار
الضمير على خلاف في السابع ولا بد من ذكرها ؛ لعموم فائدتها، وكثرة دورها :
الأول : المضارع المسند للمتكلم وحده ؛ نحو :" أفعل ".
الثاني : المضارع المسند للمتكلم مع غيره، أو المعظم نفسه ؛ نحو :" نفعل نحن ".
الثالث : المضارع المسند للمخاطب ؛ نحو :" تفعل أنت "، ويوحد المخاطب بقيد
الإفراد، والتذكير ؛ لأنه متى كان مثنى، أو مجموعا، أو مؤنثا - وجب بروزه ؛ نحو :
" تقومان - يقومون - تقومين ".
الرابع : فعل الأمر المسند للمخاطب ؛ نحو :" افعل أنت " ويوحد المخاطب أيضا
- بقيد الإفراد، والتذكير ؛ لأنه متى كان مثنى، أو مجموعا، أو مؤنثا - وجب بروزه ؛ نحو :
" افعلا - افعلوا - افعلي ".


الصفحة التالية
Icon