ويعبر به - أيضا - عن الشتم ؛ قال تعالى :( لئن لم تنته لأرجمنك ( [ مريم : ٤٦ ]
قيل : أقول فيك قولا سيئا.
والمراجمة : المسابة الشديدة استعارة كالمقاذفة، فالرجيم معناه : المرجوم، فهو
" فعيل " بمعنى " مفعول " ؛ كقولهم : كف خضيب أي : مخضوب : ورجل لعين أي : ملعون
قال الراغب : والترجمان تفعلان من ذلك كأنه يعني أنه يرمي بكلام من يترجم عنه إلى
غيره ؛ والرجمة : أحجار القبر، ثم عبر بها عنه ؛ وفي الحديث :" لا ترجموا قبري "، أي :
لا تضعوا عليه الرجمة.
ويجوز أن يكون بمعنى " فاعل " ؛ لأنه يرجم غيره بالشر، ولكنه بمعنى " مفعول " أكثر،
وإن كان غير مقيس.
ثم في كونه مرجوما وجهان :
الأول : أن معنى كونه مرجوما كونه ملعونا من قبل الله تعالى ؛ قال الله تعالى :( فاخرج
منها فإنك رجيم ( [ الحجر : ٣٤ ] واللعن يسمى رجما.
وحكى الله تعالى - عن والد إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - أنه قال :( لئن لم تنته
لأرجمنك ( قيل : عنى بقوله الرجم بالقول.
وحكى الله - تعالى - عن قوم نوح عليه السلام أنهم قالوا :( لئن لم تنته يا نوح لتكونن
من المرجومين ( [ الشعراء : ١١٦ ] وفي سورة يس :( لئن لم تنتهوا لنرجمنكم ( [ يس : ١٨ ].
والوجه : أن الشيطان إنما وصف بكونه مرجوما ؛ لأنه - تعالى - أمر الملائكة برمي
الشياطين بالشهب والثواقب ؛ طردا لهم من السموات، ثم وصف بذلك كل شرير متمرد
وأما قوله في بعض وجوه الاستعاذة : إن الله هو السميع العليم، ففيه وجهان :
الأول : أن الغرض من الاستعاذة الاحتراز من شر الوسوسة، ومعلوم أن الوسوسة
كأنها كلام خفي في قلب الإنسان، ولا يطلع عليها أحد، فكأن العبد يقول : يا من هو
يسمع كل مسموع، ويعلم كل سر خفي أنت تعلم وسوسة الشيطان، وتعلم غرضه منها،
وأنت القادر على دفعها عني، فادفعها عني بفضلك ؛ فلهذا السبب كان ذكر السميع العليم
أولى بهذا الموضع من سائر الأذكار.