وعن ابن عباس : أن أول ما نزل بالمدينة سورة البقرة، ثم الأنفال ثم آل عمران، ثم سورة الأحزاب، ثم الممتحنة، ثم النساء، فإذا كان كذلك تكون سورة النساء نازلة بعد الأحزاب التي هي في أواخر سنة أربع أو أول سنة خمس من الهجرة، وبعد صلح الحديبية الذي هو في سنة ست حيث تضمنت سورة الممتحنة شرط إرجاع من يأتي المشركين هاربا إلى المسلمين عدا النساء، وهي آية ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ﴾ [الممتحنة : ١٠] الآية.
وقد قيل : إن آية ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء : ٢] نزلت في رجل من غطفان له ابن أخ له يتيم، وغطفان أسلموا بعد وقعة الأحزاب، إذ هم من جملة الأحزاب، أي بعد سنة خمس.
ومن العلماء من قال : نزلت سورة النساء عند الهجرة.
وهو بعيد.
وأغرب منه من قال : إنها نزلت بمكة لأنها افتتحت ب يا أيها الناس، وما كان يا أيها الناس فهو مكي، ولعله يعني أنها نزلت بمكة أيام الفتح لا قبل الهجرة لأنهم يطلقون المكي بإطلاقين.
وقال بعضهم : نزل صدرها بمكة وسائرها بالمدينة.
والحق أن الخطاب ب يا أيها الناس لا يدل إلا على إرادة دخول أهل مكة في الخطاب، ولا يلزم أن يكون ذلك بمكة، ولا قبل الهجرة، فإن كثيرا مما فيه يا أيها الناس مدني بالاتفاق.
ولا شك في أنها نزلت بعد آل عمران لأن في سورة النساء من تفاصيل الأحكام ما شأنه أن يكون بعد استقرار المسلمين بالمدينة، وانتظام أحواله وأمنهم من أعدائهم.
وفيها آية التيمم، والتيمم شرع يوم غزوة المريسيع سنة خمس، وقيل : سنة ست.