إن هذا المنهج ثابت في أصوله ومقوماته، لأنه يتعامل مع "الإنسان". وللإنسان كينونة ثابتة، فهو لا يتبدل منها كينونة أخرى. وكل التحورات والتطورات التي تلابس حياته لا تغير من طبيعته، ولا تبدل من كينونته، ولا تحوله خلقا آخر. إنما هي تغيرات وتطورات سطحية، كالأمواج في الخضم، لا تغير من طبيعته المائية، بل لا تؤثر في تياراته التحتية الدائمة، المحكومة بعوامل طبيعية ثابتة !
ومن ثم تواجه النصوص القرآنية الثابتة، تلك الكينونة البشرية الثابتة. ولأنها من صنع المصدر الذي صنع الإنسان، فإنها تواجه حياته بظروفها المتغيرة، وأطوارها المتجددة، بنفس المرونة التي يواجه بها "الإنسان" ظروف الحياة المتغيرة، وأطوارها المتجددة، وهو محافظ على مقوماته الأساسية.. مقومات الإنسان..
وفي "الإنسان" هذا الاستعداد، وهذه المرونة، وإلا ما استطاع أن يواجه ظروف الحياة وأطوارها، وهي ليست ثابتة من حوله. وفي المنهج الرباني الموضوع لهذا الإنسان، ذات الخصائص، بحكم أنه صادر من المصدر الذي صدر منه الإنسان، ومودع خصائصه ذاتها، ومعد للعمل معه إلى آخر الزمان.
وهكذا يستطيع ذلك المنهج، وتستطيع هذه النصوص، أن تلتقط الفرد الإنساني، وأن تلتقط المجموعة الإنسانية، من أي مستوى، ومن أية درجة من درجات المرتقى الصاعد، فينتهي به وبها إلى القمة السامقة.. إنه لا يرده ولا يردها أبدا إلى الوراء، ولا يهبط به أو بها أبدا إلى درجة أسفل في المرتقى. كما أنه لا يضيق به ولا بها، ولا يعجز عن رفعه ورفعها، أيا كان مكانه أو مكانها من السفح السحيق !