قوله: ﴿إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾ ختم الآية مرة بقوله (فقد افترى) ومرّة بقوله (فقد ضلَّ) لأَنَّ الأَوّل نزل فى اليهود، وهم الَّذين افتروْا على الله ما ليس فى كتابهم، والثَّانى نزل فى الكفار، ولم يكن لهم كتاب فكان ضلالهم أَشدّ.
قوله ﴿يَا أَيُّهَآ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ﴾ وفى غيرها (يا أهل الكتاب) لأَنَّه سبحانه استخفَّ بهم فى هذه الآية، وبالغ، ثمّ ختم بالطمس، وردِّ الوجوه على الأَدبار، واللَّعن، وأَنَّها كلَّها واقعة بهم.
قوله ﴿دَرَجَة﴾ ثمّ فى الآية الأُخرى ﴿دَرَجَات﴾ لأَنَّ الأُولى فى الدُّنيا والثانية فى الجنة.
وقيل: الأُولى بالمنزلة، والثانية بالمنزل.
وهى درجات.
وقيل: الأُولى على القاعدين بعُذْر، والثانية على القاعدين بغير عذر.
قوله: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ﴾ بالإِظهار هنا وفى الأَنفال، وفى الحشر بالإِدغام، لأَنَّ الثانى من المثلين إِذا تحرّك بحركة لازمة وجب إِدغام الأَوّل فى الثانى ؛ أَلا ترى أَنَّك تقول ارْدُدْ بالإِظهار، ولا يجوز ارْدُدَوا وارددوا وازددى، لأَنها تحركت بحركة لازمة (والأَلف واللام فى "الله" لازمتان، فصارت حركة القاف لازمة) و (ليس) الأَلف والَّلام فى الرّسول كذلك.
وأَمَّا فى الأَنفال فلانضمام (الرّسول) إليه فى العطف لم يدغم ؛ لأَنَّ التقدير فى القاف أَن قد اتَّصل بهما ؛ فإِنَّ الواو يوجب ذلك.
قوله ﴿كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَآءَ للَّهِ﴾، وفى المائدة: ﴿قَوَّامِينَ للَّهِ شُهَدَآءَ بِالْقِسْطِ﴾ لأَنَّ (الله) فى هذه السّورة متصل ومتعلِّق بالشَّهادة، بدليل قوله: ﴿وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوْ الْوَالِدَيْنِ وَ الأَقْرَبِينَ﴾ أَى ولو تشهدون عليهم، وفى المائدة متَّصل ومتعلِّق بقوّامين، والخطاب للولاة بدليل قوله: ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَئَانُ قَوْمٍ﴾ الآية.


الصفحة التالية
Icon