ولما كانت النساء ناقصات عقلاً وديناً، عبر عنهن بأداة ما لا يعقل إشارة إلى الرفق بهن والتجاوز عنهن فقال :﴿ما﴾ ولما أفاد أنكحوا الإذن المتضمن للحل، حمل الطيب على اللذيذ المنفك عن النهي السابق ليكون الكلام عاماً مخصوصاً بما يأتي من آية المحرمات من النساء - ولا يحمل الطيب على الحل لئلا يؤدي - مع كونه تكراراً - إلى أن يكون الكلام مجملاً - لأن الحل لم يتقدم علمه، والحمل على العام المخصوص أولى، لأنه حجة في غير محل التخصيص، والمجمل ليس بحجة أصلاً - أفاده الإمام الرازي ؛ فقال تعالى :﴿طاب﴾ أي زال عنه حرج النهي السابق ولذّ، وأتبعه قيداً لا بد منه بقوله :﴿لكم﴾ وصرح بما علم التزاماً فقال :﴿من النساء﴾ أي من غيرهن ﴿مثنى وثلاث ورباع﴾ أي حال كون هذا المأذون في نكاحه موزَّعاً هكذا : ثنتين ثنتين وثلاثاً ثلاثاً وأربعاً أربعاً لكل واحد، وهذا الحكم عرف من العطف بالواو، ولو كان بأو لما أفاد التزوج إلا على أحد هذه الوجوه الثلاثة، ولم يفد التخيير المفيد للجمع بينها على سبيل التوزيع، وهذا دليل واضح على أن النساء أضعاف الرجال، وروى البخاري في التفسير " عن عروة ابن الزبير أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن قوله تعالى :﴿وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى﴾ [ النساء : ٣ ]، فقالت : يا ابن أختي! هذه اليتيمة تكون في حجر وليها، تشركه في ماله، ويعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنهوا عن ذلك أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا لهن أعلى سنتهن في الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن قال عروة : قالت عائشة : وإن الناس استفتوا رسول الله ﷺ بعد هذه الآية، فأنزل الله عز وجل ﴿ويستفتونك في النساء﴾ [ النساء : ١٢٧ ]


الصفحة التالية
Icon