وجوز بعضهم كون الخطاب عاماً بحيث يندرجون فيه، ثم قال : ولا يبعد أن يكون الأمر الآتي عاماً لهم أيضاً بالنسبة إلى الكلام القديم القائم بذاته تعالى، وإن كان كونه عربياً عارضاً بالنسبة إلى هذه الأمة، وفيه نظر لأن المنظور إليه إنما هو أحكام القرآن بعد النزول وإلا لكان النداء وجميع ما فيه من خطاب المشافهة مجازات ولا قائل به فتأمل، وعلى العلات لفظ ( الناس ) يشمل الذكور والإناث بلا نزاع، وفي شمول نحو قوله تعالى :﴿ اتقوا رَبَّكُمُ ﴾ خلاف، والأكثرون على أن الإناث لا يدخلن في مثل هذه الصيغة ظاهراً خلافاً للحنابلة، استدل الأولون بأنه قد روي عن أم سلمة أنها قالت : يا رسول الله إن النساء قلن ما نرى الله تعالى ذكر إلا الرجال فأنزل ذكرهن، فنفت ذكرهن مطلقاً ولو كن داخلات لما صدق نفيهن ولم يجز تقريره عليه الصلاة والسلام للنفي، وبأنه قد أجمع أرباب العربية على أن نحو هذه الصيغة جمع مذكر وأنه لتضعيف المفرد والمفرد مذكر، وبأن نظير هذه الصيغة المسلمون ولو كان مدلول المسلمات داخلاً فيه لما حسن العطف في قوله تعالى :﴿ إِنَّ المسلمين والمسلمات ﴾ [ الأحزاب : ٣٥ ] إلا باعتبار التأكيد، والتأسيس خير من التأكيد، وقال الآخرون : المعروف من أهل اللسان تغليبهم المذكر على المؤنث عند اجتماعهما باتفاق، وأيضاً لو لم تدخل الإناث في ذلك لما شاركن في الأحكام لثبوت أكثرها بمثل هذه الصيغة، واللازم منتف بالاتفاق كما في أحكام الصلاة، والصيام، والزكاة، وأيضاً لو أوصى لرجال ونساء بمائة درهم، ثم قال : أوصيت لهم بكذا دخلت النساء بغير قرينة، وهو معنى الحقيقة فيكون حقيقة في الرجال والنساء ظاهراً فيهما وهو المطلوب.


الصفحة التالية
Icon