فلو كان المراد بقوله :﴿مَا طَابَ لَكُمْ﴾ أي ما حل لكم لنزلت الآية منزلة ما يقال : أبحنا لكم نكاح من يكون نكاحها مباحا لكم : وذلك يخرج الآية عن الفائدة، وأيضاً فبتقدير أن تحمل الآية على ما ذكروه تصير الآية مجملة، لأن أسباب الحل والاباحة لما لم تكن مذكورة في هذه الآية صارت الآية مجملة لا محالة، أما إذا حملنا الطيب على استطابة النفس وميل القلب، كانت الآية عاما دخله التخصيص.
وقد ثبت في أصول الفقه أنه متى وقع التعارض بين الاجمال والتخصيص كان رفع الاجمال أولى، لأن العام المخصوص حجة في غير محل التخصيص، والمجمل لا يكون حجة أصلا. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٤١﴾
فصل
قال الفخر :
﴿مثنى وثلاث وَرُبَاعَ﴾ معناه : اثنين اثنين، وثلاثا ثلاثا، وأربعا أربعا، وهو غير منصرف وفيه وجهان :
الأول : أنه اجتمع فيها أمران : العدل والوصف، أما العدل فلأن العدل عبارة عن أنك تذكر كلمة وتريد بها كلمة أخرى، كما تقول : عمر وزفر وتريد به عامراً وزافرا، فكذا ههنا تريد بقولك : مثنى : ثنتين ثنتين فكان معدولا، وأما أنه وصف، فدليله قوله تعالى :﴿أُوْلِى أَجْنِحَةٍ مثنى وثلاث ورباع﴾ [ فاطر : ١ ] ولا شك أنه وصف.