قال بعضهم : وَحَسن وقوعها هنا أنها واقعة على النساء، وهن ناقصات العقول. وبعضهم يقول : هي لصفات من يعقل.
وبعضهم يقول : لنوع من يعقل كأنه قيل : النوع الطيب من النساء، وهي عبارات متقاربة. فلذلك لم نعدّها أوجهاً.
الثاني : أنها نَكِرَةٌ موصوفة، أي : انكحوا جنساً طيباً أو عدداً طيِّباً.
الثالث : أنها مصدرية، وذلك المصدر واقع موقع اسم الفاعل، تقديره : فانحكوا [ الطَّيِّبَ.
وقال أبو حيان : والمصدر مقدر هنا باسم الفاعل، والمعنى فانكحوا ] النكاح الذي طاب لكم. والأول أظهر.
الرابع : أنها ظرفية تستلزم المصدريَّة، والتقدير : فانحكوا ما طاب مدة يطيب فيها النكاح لكم. إذا تقرر هذا، فإن قلنا : إنها موصولة اسمية أو نكرة موصوفة، أو مصدرية، والمصدرُ واقع اسم الفاعل كانت " ما " مفعولاً بـ " انكحوا " ويكون " من النساء " فيه وجهان :
أحدهما : أنها لبيان الجنس المبهم في " ما " عند مَنْ يثبت لها ذلك.
والثاني : أنها تبغيضية، أي : بعض النساء، وتتعلق بمحذوف على أنها حال من " ما طاب " وإن قلنا : إنها مصدرية ظرفية محضة، ولم يُوقع المصدر موقع اسم فاعل كما قال أبو حيان كان مفعول " فانكحوا " قوله " من النساء " نحو قولك : أكلت من الرغيفِ، وشربتُ من العسل أي : شيئاً من الرغيف وشيئاً من العسل.
فإن قيل : لِمَ لا يجعل على هذا " مثنى " وما بعدها هو مفعول " فانكحوا " أي : فانكحوا هذا العدد ؟ فالجواب أن هذه الألفاظ المعدولة لا تلي العوامل.
وقرأ ابن أبي عبلة " مَنْ طَابَ " وهو يرجحُ كون " ما " بمعنى الذي للعاقل، وفي مصحف أبي بن كعب بالياء، وهذا ليس بمبني للمفعول ؛ لأنه قاصر، وإنما كُتِبَ كذلك دلالة على الإمالة وهي قراءة حمزة.


الصفحة التالية
Icon