ورواه ابن عيينة ومالك عن الزهريّ مرسلاً، ورواه عبد الرزاق عن معمر كذلك، وقد وافق معمراً على وصله بحر بن كنيز السقاء عن الزهريّ، ولكنه ضعيف، وكذا وصله يحيى بن سلام عن مالك، ويحيى ضعيف.
وفي الباب عن نوفل بن معاوية، عند الشافعيّ، أنه أسلم وتحته خمسة نسوة، فقال له النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم : أمسك أربعاً وفارق الأخرى، وفي إسناده رجل مجهول، لأن الشافعيّ قال : حدثنا بعض أصحابنا عن أبي الزناد عن عبد المجيد بن سهل عن عوف بن الحارث عن نوفل بن معاوية قال : أسلمت، فذكره، وفي الباب أيضاً عن عروة بن مسعود وصفوان بن أمية عند البيهقيّ.
وقوله : اختر منهن أربعاً، استدل به الجمهور على تحريم الزيادة على أربع، وذهبت الظاهرية إلى أنه يحل للرجل أن يتزوج تسعاً، ولعل وجهه قوله تعالى :﴿ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ ﴾ ومجموع ذلك لا باعتبار ما فيه من العدل، تسع.
وحكي ذلك عن ابن الصباغ وآل عمراني وبعض الشيعة.
وحكي أيضاً عن القاسم بن إبراهيم، وأنكر الإمام يحيى الحكاية عنه، وحكاه صاحب البحر عن الظاهرية، وقوم مجاهيل.
وأجابوا عن حديث قيس بن الحارث المذكور بما فيه من المقال المتقدم، وأجابوا عن حديث غيلان الثقفي بما تقدم فيه من المقال، وكذلك أجابوا عن حديث نوفل بن معاوية بما قدمنا من كونه في إسناده مجهول، قالوا : ومثل هذا الأصل العظيم لا يكتفي فيه بمثل ذلك، ولا سيما وقد ثبت أن رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم قد جمع بين تسع أو إحدى عشرة، وقد قال تعالى :﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [ الأحزاب : من الآية ٢١ ].
وأما دعوى اختصاصه بالزيادة على الأربع فهو محل النزاع، ولم يقم عليه دليل.


الصفحة التالية
Icon