" فصل "
قال السيوطى :
سورة النساء
تقدمت وجوه مناسبتها وأقول: هذه السورة أيضاً شارحة لبقية مجملات سورة البقرة فمنها: أنه أجمل في البقرة قوله: ( اعبدوا ربَكُم الذي خلَقَكُم والذينَ مِن قبلِكُم لعلَكُم تتقون) وزاد هنا: (حلَقَكُم مِن نفسٍ واحدة وخلقَ مِنها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً) وانظر لما كانت آية التقوى في سورة البقرة غاية جعلها في أول هذه السورة التالية لها مبدأ ومنها: أنه أجمل في سورة البقرة: (أَسكُن أَنتَ وزوجك الجنَّة) وبين هنا أن زوجته خلقت منه في قوله، (وخلقَ منها زوجها) ومنها: أنه أجمل في البقرة آية اليتامى، وآية الوصية، والميراث، والوارث، في قوله: (وعلى الوارث مثل ذلك) وفصل ذلك في هذه السورة أبلغ تفصيل وفصل هنا من الأنكحة ما أجمله هناك، فإنه قال في البقرة: (ولامه مؤمنةٌ خيرٌ من مشركة) فذكر نكاح الأمة إجمالاً، وفصل هنا شروطه ومنها: أنه ذكر الصداق في البقرة مجملاً بقوله: (ولا يحلُ لكُم أَن تأَخذوا مما آتيتموهن شيئاً) وشرحه هنا مفصلاً ومنها: أنه ذكر هناك الخلع، وذكر هنا أسبابه ودواعيه، من النشوز وما يترتب عليه، وبعث الحكمين ومنها: أنه فصل هنا من أحكام المجاهدين، وتفضيلهم درجات، والهجرة، ما وقع هناك مجملاً، أو مرموزاً وفيها من الاعتلاق بسورة الفاتحة: تفسير: (الذينَ أَنعمتَ عليهم) بقوله: (من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين) وأما وجه اعتلاقها بآل عمران فمن وجوه: منها: أن آل عمران ختمت بالأمر بالتقوى، وافتتحت هذه السورة به وهذا من أكبر وجوه المناسبات في ترتيب السور، وهو نوع من البديع يسمى: تشابه الأطراف