وقال أبو حنيفة : لا يحجر على من بلغ عاقلاً إلا أن يكون مفسداً لمالهِ ؛ فإذا كان كذلك مُنع من تسليم المال إليه حتى يبلغ خمساً وعشرين سنة، فإذا بلغها سُلّم إليه بكل حال، سواء كان مفسداً أو غير مفسد ؛ لأنه يُحبَل منه لاثنتي عشرة سنة، ثم يولد له لستة أشهر فيصير جَدّاً وأبا، وأنا أستحي أن أحجر على مَن يصلح أن يكون جَدّاً.
وقيل عنه : إن في مدّة المنع من المال إذا بلغ مفسداً ينفذ تصرفه على الإطلاق، وإنما يُمنع من تسليم المال احتياطا.
وهذا كله ضعيف في النظر والأثر.
وقد روى الدَّارَقُطْنِيّ : حدّثنا محمد بن أحمد بن الحسن الصوّاف أخبرنا حامد بن شعيب أخبرنا شُريح بن يونس أخبرنا يعقوب بن إبراهيم هو أبو يوسف القاضي أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن جعفر أتى الزبير فقال : إني اشتريت بيع كذا وكذا، وإن عليّاً يريد أن يأتي أمير المؤمنين فيسأله أن يحجر عليّ فيه.
فقال الزبير : أنا شريكك في البيع.
فأتى عليّ عثمان فقال : إن ابن جعفر اشترى بيع كذا وكذا فاحجر عليه.
فقال الزبير : فأنا شريكه في البيع.
فقال عثمان : كيف أحجر على رجل في بيعٍ شريكُه فيه الزبير ؟ قال يعقوب : أنا آخذ بالحجر وأراه، وأحجر وأبطل بيع المحجور عليه وشراءه، وإذا اشترى أو باع قبل الحجر أجزت بَيعَه.
قال يعقوب بن إبراهيم : وإن أبا حنيفة لا يحجر ولا يأخذ بالحجر.
فقول عثمان : كيف أحجر على رجل، دليل على جواز الحجر على الكبير ؛ فإن عبد الله بن جعفر ولدته أُمّه بأرض الحبشة، وهو أوّل مولود وُلد في الإسلام بها، وقدِم مع أبيه على النبيّ ﷺ عامَ خَيْبر فسمع منه وحفِظ عنه.
وكانت خيبر سنة خمس من الهجرة.
وهذا يردّ على أبي حنيفة قوله. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٣٠ ـ ٣١﴾


الصفحة التالية
Icon