قوله تعالى :﴿التى جَعَلَ الله لَكُمْ قياما﴾ معناه أنه لا يحصل قيامكم ولا معاشكم إلا بهذا المال، فلما كان المال سببا للقيام والاستقلال سماه بالقيام إطلاقا لاسم المسبب على السبب على سبيل المبالغة، يعني كان هذا المال نفس قيامكم وابتغاء معاشكم، وقرأ نافع وابن عامر ﴿التى جَعَلَ الله لَكُمْ قَيِّماً﴾ وقد يقال : هذا قيم وقيم، كما قال :﴿دينا قيما ملة إبراهيم﴾ [ الأنعام : ١٦١ ] وقرأ عبد الله بن عمر ( قواما ) بالواو، وقوام الشيء ما يقام به كقولك : ملاك الأمر لما يملك به. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٥١﴾
وقال ابن عاشور :
والمعنى أنّها تقويم عظيم لأحوال الناس.
وقيل : قيما جمع قِيمة أي التي جعلها الله قيماً أي أثماناً للأشياء، وليس فيه إيذان بالمعنى الجليل المتقدّم.
ومعنى قوله :﴿ وارزقوهم فيها واكسوهم ﴾ واقع موقع الاحتراس أي لا تؤتوهم الأموال إيتاء تصرّف مطلق، ولكن آتوهم إيّاها بمقدار انتفاعهم من نفقة وكسوة، ولذلك قال فقهاؤنا : تسلّم للمحجور نفقته وكِسْوته إذا أمن عليها بحسب حاله وماله أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ٢٧﴾

فصل


قال الفخر :
قال الشافعي رحمه الله : البالغ إذا كان مبذراً للمال مفسداً له يحجر عليه وقال أبو حنيفة رضي الله عنه : لا يحجر عليه.
حجة الشافعي : أنه سفيه، فوجب أن يحجر عليه، إنما قلنا إنه سفيه، لأن السفيه في اللغة، هو من خف وزنه.
ولا شك أن من كان مبذرا للمال مفسداً له من غير فائدة، فإنه لا يكون له في القلب وقع عند العقلاء، فكان خفيف الوزن عندهم، فوجب أن يسمى بالسفيه، وإذا ثبت هذا لزم اندراجه تحت قوله تعالى :﴿وَلاَ تُؤْتُواْ السفهاء أموالكم ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٥١﴾


الصفحة التالية
Icon