إذا عرفت هذا فنقول : فائدة هذا الاختلاف أن الشافعي رحمه الله يرى الحجر على الفاسق، وأبو حنيفة رضي الله عنه لا يراه. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٥٣ ـ ١٥٤﴾
فصل
قال الآلوسى :
﴿ فَإِنْ ءانَسْتُمْ ﴾ أي أحسستم قاله مجاهد وأصل معنى الاستئناس كما قال الشهاب النظر من بعد وضع اليد على العين إلى قادم ونحوه ما يؤنس به، ثم عم في كلامهم قال الشاعر :
( آنست ) نبأة وأفزعها الق...
ناص عصراً وقد دنا الإمساء
ثم استعير للتبين أي علم الشيء بينا، وزعم بعضهم أن أصله الإبصار مطلقاً وأنه أخذ من إنسان العين وهو حدقتها التي يبصر بها، وهو هنا محتمل لأن يراد منه المعنى المجازي أو المعنى الحقيقي، وقرأ ابن مسعود أحستم بحاء مفتوحة وسين ساكنة، وأصله أحسستم بسينين نقلت حركة الأولى إلى الحاء وحذفت لالتقاء الساكنين إحداهما على غير القياس، وقيل : إنها لغة سليم وإنها مطردة في عين كل فعل مضاعف اتصل بها تاء الضمير، أو نونه كما في قول أبي زيد الطائي :
خلا أن العتاق من المطايا...
أحسن به فهن إليه شوس
﴿ مّنْهُمْ رُشْداً ﴾ أي اهتداءاً إلى ضبط الأموال وحسن التصرف فيها، وقيل : صلاحاً في دينهم وحفظاً لأموالهم، وتقديم الجار والمجرور لما مر غير مرة، وقرىء ( رشداً ) بفتحتين، و( رشداً ) بضمتين، وهما بمعنى رشداً، وقيل : الرشد بالضم في الأمور الدنيوية والأخروية، وبالفتح في الأخروية لا غير، والراشد والرشيد يقال فيهما ﴿ فادفعوا إِلَيْهِمْ أموالهم ﴾ أي من غير تأخير عن حدّ البلوغ كما تدل عليه الفاء، وفي إيثار الدفع على الإيتاء في أول الأمر إيذان على ما ذهب إليه البعض بتفاوتهما بحسب المعنى، وقد تقدم الكلام في ذلك.