فنزلت ﴿ يُوصِيكُمُ الله في أَوْلاَدِكُمْ ﴾ [ النساء : ١١ ] إلى قوله تعالى ﴿ الفوز العظيم ﴾ [ النساء : ١٣ ] فأرسل إليهما " أن أعطيا أم كُجَّة الثُّمن مما ترك أَوسٌ ولبناته الثلثين، ولكما بقية المال ". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٤٧﴾

فصل


قال الفخر :
أصل الفرض الحز، ولذلك سمي الحز الذي في سية القوس فرضاً، والحز الذي في القداح يسمى أيضا فرضاً، وهو علامة لها تميز بينها وبين غيرها، والفرضة العلامة في مقسم الماء، يعرف بها كل ذي حق حقه من الشرب، فهذا هو أصل الفرض في اللغة، ثم إن أصحاب أبي حنيفة خصصوا لفظ الفرض بما عرف وجوبه بدليل قاطع، واسم الوجوب بما عرف وجوبه بدليل مظنون، قالوا : لأن الفرض عبارة عن الحز والقطع، وأما الوجوب فإنه عبارة عن السقوط، يقال : وجبت الشمس إذا سقطت، ووجب الحائط إذا سقط، وسمعت وجبة يعني سقطة قال الله تعالى :﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ [ الحج : ٣٦ ] يعني سقطت، فثبت أن الفرض عبارة عن الحز والقطع، وأن الوجوب عبارة عن السقوط، ولا شك أن تأثير الحز والقطع أقوى وأكمل من تأثير السقوط.
فلهذا السبب خصص أصحاب أبي حنيفة لفظة الفرض بما عرف وجوبه بدليل قاطع، ولفظ الوجوب بما عرف وجوبه بدليل مظنون.
إذا عرفت هذا فنقول : هذا الذي قرروه يقضي عليهم بأن الآية ما تناولت ذوي الأرحام لأن توريث ذوي الأرحام ليس من باب ما عرف بدليل قاطع باجماع الأمة، فلم يكن توريثهم فرضاً، والآية إنما تناولت التوريث المفروض، فلزم القطع بأن هذه الآية ما تناولت ذوي الأرحام، والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٥٩﴾


الصفحة التالية
Icon