قوله تعالى ﴿ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٨)﴾
مناسبة الآية لما قبلها
قال البقاعى :
ولما بين المفروض أتبعه المندوب فقال تعالى :﴿وإذا حضر القسمة أولوا القربى﴾ أي ممن لا يرث صغاراً أو كباراً ﴿واليتامى والمساكين﴾ أي قرباء أو غرباء ﴿فارزقوهم منه﴾ أي المتروك، وهو أمر ندب لتطييب قلوبهم، وقرينة صرفه عن الوجوب ترك التحديد ﴿وقولوا لهم﴾ أي مع الإعطاء ﴿قولاً معروفاً﴾ أي حسناً سائغاً في الشرع مقبولاً تطيب به نفوسهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٢١٨﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أن قوله :﴿وَإِذَا حَضَرَ القسمة﴾ ليس فيه بيان أي قسمة هي، فلهذا المعنى حصل للمفسرين فيه أقوال : الأول : أنه تعالى لما ذكر في الآية الأولى أن النساء أسوة الرجال في أن لهن حظاً من الميراث، وعلم تعالى أن في الأقارب من يرث ومن لا يرث، وأن الذين لا يرثون إذا حضروا وقت القسمة، فإن تركوا محرومين بالكلية ثقل ذلك عليهم، فلا جرم أمر الله تعالى أن يدفع إليهم شيء عند القسمة حتى يحصل الأدب الجميل وحسن العشرة، ثم القائلون بهذا القول اختلفوا، فمنهم من قال : إن ذلك واجب، ومنهم من قال : إنه مندوب، أما القائلون بالوجوب، فقد اختلفوا في أمور :
أحدها : أن منهم من قال : الوارث إن كان كبيراً وجب عليه أن يرضخ لمن حضر القسمة شيئا من المال بقدر ما تطيب نفسه به، وإن كان صغيراً وجب على الولي إعطاؤهم من ذلك المال، ومنهم من قال : إن كان الوارث كبيراً، وجب عليه الإعطاء من ذلك المال، وإن كان صغيراً وجب على الولي أن يعتذر إليهم، ويقول : إني لا أملك هذا المال إنما هو لهؤلاء الضعفاء الذين لا يعقلون ما عليهم من الحق، وإن يكبروا فسيعرفون حقكم، فهذا هو القول المعروف،
وثانيها : قال الحسن والنخعي : هذا الرضخ مختص بقسمة الأعيان، فإذا آل الأمر إلى قسمة الأرضين والرقيق وما أشبه ذلك، قال لهم قولا معروفا، مثل أن يقول لهم : ارجعوا بارك الله فيكم،
وثالثها : قالوا : مقدار ما يجب فيه الرضخ شيء قليل، ولا تقدير فيه بالاجماع.
ورابعها : أن على تقدير وجوب هذا الحكم تكون هذه الآية منسوخة.


الصفحة التالية
Icon