ورأى عَبيدة ومحمد بن سِيرين أن الرزق في هذه الآية أن يصنع لهم طعاماً يأكلونه ؛ وفعَلاَ ذلك، ذبحا شاة من التركة، وقال عَبيدة : لولا هذه الآية لكان هذا من مالي.
وروى قتادة عن يحي بن يَعمر قال : ثلاثٌ مُحْكَمات تركهّن الناس : هذه الآية، وآية الاستئذان ﴿ ياأيها الذين آمَنُواْ لِيَسْتَأْذِنكُمُ الذين مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ [ النور : ٥٨ ] وقوله :﴿ ياأيها الناس إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأنثى ﴾ [ الحجرات : ١٣ ].
قوله تعالى :﴿ مِنْهُ ﴾ الضمير عائد على معنى القسمة ؛ إذْ هي بمعنى المال والميراث ؛ لقوله تعالى :﴿ ثُمَّ استخرجها مِن وِعَآءِ أَخِيهِ ﴾ [ يوسف : ٧٦ ] أي السقاية ؛ لأن الصُّوَاع مذكّر.
ومنه قوله عليه السلام :" واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينه وبين الله حجاب " فأعاد مذكراً على معنى الدعاء.
وكذلك " قوله لسُويد بن طارق الجُعْفي حين سأله عن الخمر :"إنه ليس بدواء ولكنه داء" " فأعاد الضمير على معنى الشراب.
ومثله كثير.
يقال : قاسمه المال وتقاسماه واقتسماه، والاسم القسمة مؤنثة ؛ والقَسْم مصدر قسمت الشيء فانقسم، والموضع مَقْسِم مثل مَجلس، وتقسّمهم الدهر فتقسّموا، أي فرّقهم فتفرّقوا.
والتقسيم التفريق. والله أعلم.
قوله تعالى :﴿ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ﴾ قال سعيد ابن جبير : يقال لهم خذّوا بورِك لكم.
وقيل : قولوا مع الرّزق ودِدت أن لو كان أكثر من هذا.
وقيل : لا حاجة مع الرزق إلى عذر، نعم إن لم يصرف إليهم شيء فلا أقل من قولٍ جميل ونوع اعتذار. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٤٨ ـ ٥٠﴾. بتصرف يسير.