فإيتاء مال اليتيم تحقيق لإيصال نصيبه ممّا ترك له الوالدان والأقربون، وتوريث القرابة إثبات لنصيبهم ممّا ترك الوالدان والأقربون، وذُكر النساءُ هناك تمهيداً لشرع الميراث، وقد تأيّد ذلك بقوله :﴿ وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى ﴾ [ النساء : ٨ ] فإنّ ذلك يناسب الميراث، ولا يناسب إيتاءَ أموال اليتامى.
ولا جرم أنّ من أهمّ شرائع الإسلام شرع الميراث، فقد كان العرب في الجاهلية يجعلون أموالهم بالوصيّة لعظماء القبائل ومن تلحقهم بالانتساب إليهم حسن الأحدوثة، وتجمعهم بهم صلات الحلف أو الاعتزاز والودّ، وكانوا إذا لم يوصوا أو تركوا بعض مالهم بلا وصية يُصرف لأبْناء الميّت الذكور، فإن لم يكن له ذكور فقد حكي أنّهم يصرفونه إلى عصبته من إخوة وأبناء عمّ، ولا تعطى بناته شيئاً، أمّا الزوجات فكنّ موروثات لا وارثات.
وكانوا في الجاهلية لا يورثون بالبنوّة إلاّ إذا كان الأبناء ذكوراً، فلا ميراث للنساء لأنّهم كانوا يقولون إنّما يرث أموالنا من طاعن بالرمح، وضرب بالسيف.
فإن لم تكن الأبناءُ الذكورُ وَرِث أقربُ العصبة : الأبُ ثمّ الأخُ ثمّ العمّ وهكذا، وكانوا يورثون بالتبنيّ وهو أن يتّخذ الرجل ابن غيره ابنا له فتنعقد بين المتبنِّي والمتبنَّى جميع أحكام الأبوّة.