فإذا كان ذلك تأويل قوله :"وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين" الآية، فالواجب أن يكون قوله تعالى ذكره :"وليخش الذين لو تركوا من خلفهم"، تأديبًا منه عبادَه في أمر الوصية بما أذِنهم فيه، إذ كان ذلك عَقِيب الآية التي قبلها في حكم الوصية، وكان أظهرَ معانيه ما قلنا، فإلحاق حكمه بحكم ما قبله أولى، مع اشتباه معانيهما، من صرف حكمه إلى غيره بما هو له غير مشبه. أ هـ ﴿تفسير الطبرى حـ ٨ صـ ٢٥﴾
فائدة
قال ابن عاشور :
( وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا قول سديدا [ ٩ ] ) موعظة لكل من أمر أو نهي أو حذر أو رغب في الآي السابقة في شأن أموال اليتامى وأموال الضعفاء من النساء والصبيان فابتدئت الموعظة بالأمر بخشية الله تعالى أي خشية عذابه ثم أعقب بإثارة شفقة الآباء على ذريتهم بأن ينزلوا أنفسهم منزلة الموروثين الذين اعتدوا هم على أموالهم وينزلوا ذرياتهم منزلة الذرية الذين أكلوا هم حقوقهم وهذه الموعظة مبنية على قياس قول النبي ﷺ " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " وزاد إثارة الشفقة التنبيه على أن المعتدى عليهم خلق ضعاف بقوله ( ضعافا ) ثم أعقب بالرجوع إلى الغرض المنتقل منه وهو حفظ أموال اليتامى بالتهديد على أكله بعذاب الآخرة بعد التهديد بسوء الحال في الدنيا.
فيفهم من الكلام تعريض بالتهديد بأن نصيب أبناءهم مثلما فعلوه بأبناء غيرهم والأظهر أن مفعول ( يخش ) حذف لتذهب نفس السامع في تقديره كل مذهب محتمل فينظر كل سامع بحسب الأهم عنده مما يخشاه أن يصيب ذريته
وجملة ( لو تركوا ) إلى ( خافوا عليهم ) صلة الموصول وجملة ( خافوا عليهم ) جواب ( لو )


الصفحة التالية
Icon