قال أبُو حَيَّان :" وهذا الَّذي تَوهَّموه لا يلزم، إلاَّ كانت الصِّلةُ ماضيةً في المعنى واقعةً بالفعل، إذا معنى " لو تركوا من خلفهم " أي : ماتوا فتركوا من خلفهم، فلو كان كذلك للزم التَّأويلُ في " لَوْ " أن تكون بمعنى " إنْ " إذ لا يجامع الأمر بإيقاع فعل مَنْ مات بالفعل، فَإذَا كَانَ مَاضياً على تقدير فَيَصِحُّ أن يقع صِلَةً وأن يكون العاملُ في الموصول الفعل المستقبل نحو قولك : ليزرْنَا الذي لو مات أمسِ لبكيناه ". انتهى.
وَأمَّا البيتان المتقدّمان فلا يلزمُ من صِحَّةِ جَعْلِهَا فيهما بمعنى " إنْ " أنْ تكن في الآية كذلك ؛ لأنَّا في البيتين نضطر إلى ذلك، أمَّا البيتُ الأوَّلُ فلأن جواب " لو " محذوف مدلولٌ عليه بقوله :" لا يلفك " وهو نَهْيٌ، والنًّهْيُ مستقبلٌ فلذلك كانت " لَوْ " تعليقاً في المستقبل.
وأمَّا البيت الثَّاني فلدخول ما بعدها في حَيزِ " إذا "، و" إذا " للمستقبل. ومفعول ﴿ وَلْيَخْشَ ﴾ محذوفٌ أي : وليخش الله.
ويجوز أن تكون المسألةُ من باب التَّنَازُع فإنَّ ﴿ وَلْيَخْشَ ﴾ يطلبُ الجلالة، وكذلك ﴿ فَلْيَتَّقُواّ ﴾ فيكون من إعمال الثَّاني للحذف من الأوَّلِ.
قوله :﴿ مِنْ خَلْفِهِمْ ﴾ فيه وجهان :
أظهرهما : أنَّهُ متعلِّقٌ بـ " تَرَكُوا " ظرفاً له.
والثَّاني : أنَّه مُتعلِّقٌ بمحذوفٍ ؛ لأنَّه حالٌ من " ذرية " ؛ لأنَّه في الأصل صفة نكرة قُدِّمَتْ عليها فَجُعِلَتْ حالاً.
قوله :﴿ ضِعَافاً ﴾، أمال حمزة : ألف ﴿ ضِعَافاً ﴾ ولم يبال بحرف الاستعلاء لانكساره ففيه انحدارٌ فلم ينافِِ الإمالَة.