والمحترق الذي يذهبه الحرق ليس بصال إلا في بدء أمره، وأهل جهنم لا تذهبهم فهم فيها صالون، " والسعير " : الجمر المشتعل، وهذه آية من آيات الوعيد، والذي يعتقده أهل السنة أن ذلك نافذ على بعض العصاة، لئلا يقع الخبر بخلاف مخبره، ساقط بالمشيئة عن بعضهم، وتلخيص الكلام في المسألة : أن الوعد في الخير، والوعيد في الشر، هذا عرفهما إذا أطلقا، وقد يستعمل الوعد في الشر مقيداً به، كما قال تعالى :﴿ النار وعدها الله، الذين كفروا ﴾ [ الحج : ٧٢ ] فقالت المعتزلة : آيات الوعد كلها في التائبين والطائعين، وآيات الوعيد في المشركين والعصاة بالكبائر، وقال بعضهم : وبالصغائر، وقالت المرجئة : آيات الوعد كلها فيمن اتصف بالإيمان الذي هو التصديق، كان من كان من عاص أو طائع، وقلنا أهل السنة والجماعة : آيات الوعد في المؤمنين الطائعين ومن حازته المشيئة من العصاة، وآيات الوعيد في المشركين ومن حازه الإنفاذ من العصاة، والآية الحاكمة بما قلناه قوله تعالى :﴿ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لما يشاء ﴾ [ النساء : ٤٨ و١١٦ ] فإن قالت المعتزلة لمن يشاء يعني التائبين، رد عليهم بأن الفائدة في التفضيل كانت تنفسد، إذ الشرك أيضاً يغفر للتائب، وهذا قاطع بحكم قوله ﴿ لمن يشاء ﴾ بأن ثم مغفوراً له وغير مغفور، واستقام المذهب السني. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ١٤ ـ ١٥﴾


الصفحة التالية
Icon