فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالْخَشْيَةِ فَرْقٌ فَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنْ تَكُونَ الْخَشْيَةُ هِيَ الْخَوْفُ فِي مَحَلِّ الْأَمَلِ. وَمَنْ دَقَّقَ النَّظَرَ فِي الْآيَاتِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا حَرْفُ الْخَشْيَةِ يَجِدُ هَذَا الْمَعْنَى فِيهَا، وَلَعَلَّ أَصْلَ الْخَشْيَةِ مِنْ مَادَّةِ خَشَتِ النَّخْلَةُ تَخْشُو إِذَا جَاءَ تَمْرُهَا دَقَلًا (رَدِيئًا)، وَهِيَ مِمَّا يُرْجَى مِنْهَا الْجَيِّدُ. وَلَمْ يَرِدْ فِي الْآيَةِ ذِكْرُ مَفْعُولٍ وَلْيَخْشَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْأَمْرُ بِالتَّلَبُّسِ بِالْخَشْيَةِ كَقَوْلِهِ : وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى [٨٠ : ٨، ٩] أَوْ حَذَفَ الْمَفْعُولَ لِتَذْهَبَ النَّفْسُ فِي تَصَوُّرِهِ إِلَى كُلِّ مَا يُخْشَى فِي ذَلِكَ. وَقَالَ الرَّاغِبُ : أَيْ لِيَسْتَشْعِرُوا خَوْفًا مِنْ مَعَرَّتِهِ، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ : لِيَخْشَوُا اللهَ.
قَوْلًا سَدِيدًا قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : السَّدِيدُ هُوَ الْعَدْلُ وَالصَّوَابُ. وَهُوَ لَا يَكُونُ مِنَ الْمُتَدَيِّنِ
إِلَّا مُوَافِقًا لِحُكْمِ الشَّرْعِ. وَقَالُوا : سَدَّ قَوْلُهُ يَسِدُّ " بِكَسْرِ السِّينِ " إِذَا كَانَ سَدِيدًا، وَهُوَ يَسِدُّ فِي الْقَوْلِ إِسْدَادًا : يُصِيبُ السَّدَادَ " بِالْفَتْحِ " : وَهُوَ الْقَصْدُ وَالصَّوَابُ وَالِاسْتِقَامَةُ، وَالسِّدَادُ " بِكَسْرٍ " : الْبُلْغَةُ، وَمَا يُسَدُّ بِهِ الشَّيْءُ كَالثَّغْرِ، وَالْقَارُورَةِ. وَقَوْلُهُمْ :" سَدَادٌ مِنْ عَوَزٍ " وَرَدَ بِفَتْحِ السِّينِ وَبِكَسْرِهَا، وَهُوَ الْأَفْصَحُ. وَإِذَا كَانَ السَّدِيدُ


الصفحة التالية
Icon