ومن الاهتمام بهذه الأحكام تصدير تشريعها بقوله :﴿ يوصيكم ﴾ لأنّ الوصاية هي الأمر بما فيه نفع المأمور وفيه اهتمام الآمر لشدّة صلاحه، ولذلك سمّي ما يعهد به الإنسان، فيما يصنع بأبنائه وبماله وبذاته بعد الموت، وصية.
وقد رويت في سبب نزول الآية أحاديث كثيرة.
ففي "صحيح البخاري"، عن جابر بن عبد الله : أنّه قال :"مرضت فعادني رسول الله وأبو بكر في بني سلمة فوجداني لا أعقل فدعا رسول الله بماء فتوضّأ، ثم رشّ عليّ منه فأفقت فقلت "كيف أصنع في مالي يا رسول الله" فنزلت ﴿ يوصيكم الله في أولادكم ﴾.
وروى الترمذي، وأبو داود، وابن ماجه، عن جابر، قال : جاءت امرأة سعد بن الربيع فقالت لرسول الله "إنّ سعداً هلك وترك ابنتين وأخاه، فعمد أخوه فقبض ما ترك سعد، وإنّما تنكح النساء على أموالهنّ" فلم يجبها في مجلسها ذلك، ثمّ جاءته فقالت "يا رسول الله ابنتَا سعد" فقال رسول الله ﷺ " ادعُ لي أخاه " فجاء، فقال :" ادفع إلى ابنتيه الثلثين وإلى امرأته الثمن ولك ما بقي " ونزلت آية الميراث.
بيَّن الله في هذه الآيات فروض الورثة، وناط الميراث كلّه بالقرابة القريبة، سواء كانت جبلّية وهي النسب، أو قريبة من الجبلّية، وهي عصمة الزوجية، لأنّ طلب الذكر للأنثى جبليّ، وكونُها المرأةَ المعيَّنة يحصل بالإلف، وهو ناشىء عن الجبلّة. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٤ صـ ٤٤ ـ ٤٥﴾