إن المناهج التي يدرسها الطالب هي موضوع الامتحان، وكذلك فالدنيا هي موضوع الدِّين، والآخرة هي جزاء لمن نجح ولمن رسب في الموضوع ؛ لذلك فإياكم أن تقولوا : دنيا ودين، فلا يوجد فصل بين الدنيا والدين ؛ لأن الدنيا هي موضوع الدين. فالدنيا ُتقابلها الآخرة والدين لهما. الدنيا مزرعة والآخرة محصدة. بهذا نرد على من يقول : إن الدنيا منفصلة عن الدين.
ومن يطع الله ورسوله يدخله جنة واحدة أواثنتين أو جنات، وهل دلالة " من " للواحد ؟ لا، إن " من " تدل على الواحد، وتدل على المثنى وتدل على الجمع، مثال ذلك نقول : جاء من لقيته أمس ونقول أيضا : جاء من لقيتهما أمس، وتقول ثالثا : جاء من لقيتهم أمس.. إذن فـ " من " صالحة للمفرد والمثنى والجمع.
والحق هنا لا يتكلم عن فرد هنا أو جمع. كما قلنا في أول الفاتحة :
﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾
[الفاتحة : ٥] على الرغم من أن القياس أن تقول :" إياك أعبد وإياك أستعين ". لكن قال سبحانه :﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ ليوضح لنا أن المؤمنين كلهم وحدة واحدة في العبادة.
وهناك من يقول إذا دلت :(مَن) على المفرد فقد لحظنا لفظها، وإذا دلت على المثنى أو الجمع فقد لحظنا معناها.
ولمن يقول ذلك نقول : إن هذا الكلام غير محقق علميا ؛ لأن لفظ " من " لم يقل أحد إنه للمفرد.
بل إنها موضوعة للمفرد والمثنى والجمع. فلا تقل : استعمل لفظ " من " مراعاة للفظ أو مراعاة للمعنى، لأن لفظ " من " موضوع لمعان ثلاثة هي المفرد والمثنى والجمع.
وقد سألني أخ كريم في جلسة من الجلسات : لماذا يقول الحق سبحانه في سورة الرحمن :
﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾
[الرحمن : ٤٦] فقلت له : إن سورة الرحمن استهلها الحق سبحانه وتعالى :
﴿ الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ ﴾
[الرحمن : ١-٣] وبعد ذلك قال الحق :