فصل
قال الفخر :
قالت المعتزلة : هذه الآية تدل على أن فساق أهل الصلاة يبقون مخلدين في النار.
وذلك لأن قوله :﴿وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ﴾ إما أن يكون مخصوصا بمن تعدى في الحدود التي سبق ذكرها وهي حدود المواريث، أو يدخل فيها ذلك وغيره، وعلى التقديرين يلزم دخول من تعدى في المواريث في هذا الوعيد، وذلك عام فيمن تعدى وهو من أهل الصلاة أو ليس من أهل الصلاة، فدلت هذه الآية على القطع بالوعيد، وعلى أن الوعيد مخلد، ولا يقال : هذا الوعيد مختص بمن تعدى حدود الله، وذلك لا يتحقق إلا في حق الكافر.
فإنه هو الذي تعدى جميع حدود الله، فإنا نقول : هذا مدفوع من وجهين :
الأول : إنا لو حملنا هذه الآية على تعدي جميع حدود الله خرجت الآية عن الفائدة لأن الله تعالى نهى عن اليهودية والنصرانية والمجوسية، فتعدي جميع حدوده هو أن يترك جميع هذه النواهي، وتركها إنما يكون بأن يأتي اليهودية والمجوسية والنصرانية معا وذلك محال، فثبت أن تعدى جميع حدود الله محال فلو كان المراد من الآية ذلك لخرجت الآية عن كونها مفيدة، فعلمنا أن المراد منه أي حد كان من حدود الله.
الثاني : هو أن هذه الآية مذكورة عقيب آيات قسمة المواريث، فيكون المراد من قوله :﴿وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ﴾ تعدى حدود الله في الأمور المذكورة في هذه الآيات.
وعلى هذا التقدير يسقط هذا السؤال.
هذا منتهى تقرير المعتزلة وقد ذكرنا هذه المسألة على سبيل الاستقصاء في سورة البقرة.