واستدل بالآية من زعم أن المؤمن العاصي مخلد في النار، والجواب أنها لا تصدق عليه إما لأنها في الكافر على ما سمعت عن الكلبي وابن جبير وابن جريج وإما لأن المراد من حدود الله تعالى جميع حدوده لصحة الاستثناء والمؤمن العاصي واقف عند حد التوحيد، وإما لأن ذلك مشروط بعدم العفو كما أنه مشروط بعدم التوبة عند الزاعم، وفي ختم آيات المواريث بهذه الآية إشارة إلى عظم أمر الميراث ولزوم الاحتياط والتحري وعدم الظلم فيه، وقد أخرج ابن ماجه عن أنس عن رسول الله ﷺ أنه قال :" من قطع ميراثاً فرضه الله ورسوله قطع الله ميراثه من الجنة " وأخرج منصور عن سليمان بن موسى والبيهقي عن أبي هريرة نحو ذلك، وأخرج الحاكم عن ابن مسعود أن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة عدو، وكأن عدم القسم إما للتهاون في الدين وعدم المبالاة وكثرة الظلم بين الناس، وإما لفشو الجهل وعدم من يعرف الفرائض، فقد ورد عن أبي هريرة مرفوعاً " إن علم الفرائض أول ما ينزع من الأمة "، وأخرج البيهقي، والحاكم عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله ﷺ :" تعلموا الفرائض وعلموه الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض وتظهر الفتن حتى يختلف الإثنان في الفريضة لا يجدان من يقضي بها " ولعل الاحتمال الأول أظهر.
أهـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٢٣٣ ـ ٢٣٤﴾
فوائد بلاغية
قال أبو حيان :
وتضمنت هذه الآيات من أصناف البديع : التفصيل في : الوارث والأنصباء بعد الإبهام في قوله : للرجال نصيب الآية.
والعدول من صيغة : يأمركم الله إلى يوصيكم، لما في الوصية من التأكيد والحرص على اتباعها.
والطباق في : للذكر مثل حظ الأنثيين، وفي : من يطع ومن يعص، وإعادة الضمير إلى غير مذكور لقوة الدلالة على ذلك في قوله : مما ترك أي : ترك الموروث.
والتكرار في : لفظ كان، وفي فريضة من الله، أن الله، وفي : ولداً، وأبواه، وفي : من بعد وصية يوصي بها أو دين، وفي : وصية من الله إن الله، وفي : حدود الله، وفي : الله ورسوله.
وتلوين الخطاب في : من قرأ ندخله بالنون.
والحذف في مواضع. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٢٠٠ ـ ٢٠١﴾