ولما بين سبحانه الأصول وفصل النزاع، وكان ذلك خلاف مألوفهم وكان الفطام عن المألوف في الذروة من المشقة ؛ اقتضى الحال الوعظ بالترغيب والترهيب، فختم القصة بقوله :﴿والله﴾ أي الجامع لصفات الكمال من الجلال والجمال، وللإشارة إلى عظيم الوصية كرر هذا الاسم الأعظم في جميع القصة، ثم قال :﴿عليم﴾ أي فلا يخفى عليه أمر من خالف بقول أو فعل، نية أو غيرها ﴿حليم﴾ فهو من شأنه أن لا يعاجل بالعقوبة فلا يغتر بإمهاله، فإنه إذا أخذ بعد طول الأناة لم يفلت فاحذروا غضب الحليم! وفي الوصفين مع التهديد استجلاب للتوبة. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٢٢٢ ـ ٢٢٤﴾

فصل


قال الفخر :
اعلم أنه تعالى أورد أقسام الورثة في هذه الآيات على أحسن الترتيبات، وذلك لأن الوارث إما أن يكون متصلا بالميت بغير واسطة أو بواسطة، فإن اتصل به بغير واسطة فسبب الاتصال اما أن يكون هو النسب أو الزوجية، فحصل ههنا أقسام ثلاثة، أشرفها وأعلاها الاتصال الحاصل ابتداء من جهة النسب، وذلك هو قرابة الولاد، ويدخل فيها الأولاد والوالدان فالله تعالى قدم حكم هذا القسم.
وثانيها : الاتصال الحاصل ابتداء من جهة الزوجية، وهذا القسم متأخر في الشرف عن القسم الأول لأن الأول ذاتي وهذا الثاني عرضي، والذاتي أشرف من العرضي، وهذا القسم هو المراد من هذه الآية التي نحن الآن في تفسيرها.
وثالثها : الاتصال الحاصل بواسطة الغير وهو المسمى بالكلالة، وهذا القسم متأخر عن القسمين الأولين لوجوه : أحدها : أن الأولاد والوالدين والأزواج والزوجات لا يعرض لهم السقوط بالكلية، وأما الكلالة فقد يعرض لهم السقوط بالكلية.
وثانيها : أن القسمين الأولين ينسب كل واحد منهما إلى الميت بغير واسطة، والكلالة تنسب إلى الميت بواسطة والثابت ابتداء أشرف من الثابت بواسطة.


الصفحة التالية
Icon