معاذ أتدري ما حق العباد على الله ؟ قال الله ورسوله أعلم، قال : أن يدخله الجنة، فهذا كله إنما معناه : ما حقهم على فضل الله ورحمته، والعقيدة : أنه لا يجب على الله تعالى شيء عقلاً، لكن إخباره تعالى عن أشياء أوجبها على نفسه يقتضي وجوب تلك الأشياء سمعاً، فمن ذلك تخليد الكفار في النار، ومن ذلك قبول إيمان الكافر، والتوبة لا يجب قبولها على الله تعالى عقلاً، فأما السمع فظاهره قبول توبة التائب، قال أبو المعالي وغيره : فهذه الظواهر إنما تعطي غلبة ظن لا قطعاً على الله بقبول التوبة.
قال القاضي أبو محمد : وقد خولف أبو المعالي وغيره في هذا المعنى، فإذا فرضنا رجلاً قد تاب توبة نصوحاً تامة الشروط، فقول أبي المعالي يغلب على الظن قبول توبته، وقال غيره : يقطع على الله تعالى بقبول توبته، كما أخبر عن نفسه عز وجل.
قال القاضي أبو محمد : وكان أبي رحمة الله عليه يميل إلى هذا القول ويرجحه، وبه أقول، والله تعالى أرحم بعباده من أن ينخرم في هذا التائب المفروض معنى قوله تعالى :﴿ وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ﴾ [ الشورى : ٢٥ ] وقوله ﴿ وإني لغفار لمن تاب وآمن ﴾ [ طه : ٨٢ ] و﴿ السوء ﴾ في هذه الآية يعم الكفر والمعاصي. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ٢٣ ـ ٢٤﴾

فصل


قال الفخر :
إنه تعالى شرط قبول هذه التوبة بشرطين :
أحدهما قوله :﴿لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السوء بجهالة﴾ وفيه سؤالان : أحدهما : أن من عمل ذنبا ولم يعلم أنه ذنب لم يستحق عقابا، لأن الخطأ مرفوع عن هذه الأمة، فعلى هذا : الذين يعملون السوء بجهالة فلا حاجة بهم إلى التوبة، والسؤال الثاني : أن كلمة "إنما" للحصر، فظاهر هذه الآية يقتضي أن من أقدم على السوء مع العلم بكونه سوأ أن لا تكون توبته مقبولة، وذلك بالاجماع باطل.


الصفحة التالية
Icon