والجواب عن الأول : أن هذا اجماع ممنوع فلقد قال بهذا القول مجاهد، وهو من أكابر المفسرين، ولأنا بينا في أصول الفقه أن استنباط تأويل جديد في الآية لم يذكره المتقدمون جائز.
والجواب عن الثاني : أن هذا يقتضي نسخ القرآن بخبر الواحد وإنه غير جائز.
والجواب عن الثالث : أن مطلوب الصحابة أنه هل يقام الحد على اللوطي ؟ وليس في هذه الآية دلالة على ذلك بالنفي ولا بالاثبات، فلهذا لم يرجعوا إليها. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٨٧ ـ ١٨٨﴾
قوله تعالى :﴿ مِن نِّسَآئِكُمْ ﴾
قال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ مِن نِّسَآئِكُمْ ﴾ إضافة في معنى الإسلام وبيان حال المؤمنات ؛ كما قال :﴿ واستشهدوا شَهِيدَيْنِ مِّن رِّجَالِكُمْ ﴾ [ البقرة : ٢٨٢ ] لأن الكافرة قد تكون من نساء المسلمين بنسب ولا يلحقها هذا الحكم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ٨٣﴾.

فصل


قال الفخر :
زعم جمهور المفسرين أن هذه الآية منسوخة، وقال أبو مُسْلِم : إنها غيرُ منسوخة،
أما المفسرون : فقد بنوا هذا على أصلهم، وهو أن هذه الآية في بيان حكم الزنا، ومعلوم أن هذا الحكم لم يبق وكانت الآية منسوخة ثم القائلون بهذا القول اختلفوا أيضا على قولين : فالأول : أن هذه الآية صارت منسوخة بالحديث وهو ما روى عبادة بن الصامت أن النبي ﷺ قال :" خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر والثيب بالثيب البكر تجلد وتنفى والثيب تجلد وترجم " ثم ان هذا الحديث صار منسوخا بقوله تعالى :﴿الزانية والزانى فاجلدوا كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ﴾ [ النور : ٢ ] وعلى هذا الطريق يثبت أن القرآن قد ينسخ بالسنة وأن السنة قد تنسخ بالقرآن خلاف قول الشافعي : لا ينسخ واحد منهما بالآخر.
والقول الثاني : أن هذه الآية صارت منسوخة بآية الجَلْد.


الصفحة التالية
Icon