والجواب : أن النبي عليه الصلاة والسلام فسر السبيل بذلك فقال :" خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام " ولما فسر الرسول ﷺ السبيل بذلك وجب القطع بصحته، وأيضا : له وجه في اللغة فإن المخلص من الشيء هو سبيل له، سواء كان أخف أو أثقل. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٩ صـ ١٨٩﴾
قوله تعالى :﴿ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي البيوت ﴾
قال القرطبى :
هذه أوّل عقوبات الزناة ؛ وكان هذا في ابتداء الإسلام ؛ قاله عبادة بن الصامت والحسن ومجاهد حتى نُسخ بالأذى الذي بعده، ثم نسخ ذلك بآية "النور" وبالرجم في الثيب.
وقالت فرقة : بل كان الإيذاء هو الأوّل ثم نسخ بالإمساك، ولكنّ التلاوة أخرت وقدّمت ؛ ذكره ابن فورك، وهذا الإمساك والحبس في البيوت كان في صدر الإسلام قبل أن يكثر الجناة، فلما كثروا وخشي قوّتهم اتخذ لهم سجن ؛ قاله ابن العربيّ.
واختلف العلماء هل كان هذا السجن حداً أو توَعّدا بالحدّ على قولين : أحدهما أنه توعد بالحدّ، والثاني أنه حدّ ؛ قاله ابن عباس والحسن.
زاد ابن زيد : وأنهم مُنِعوا من النكاح حتى يموتوا عقوبة لهم حين طلبوا النكاح من غير وجهه.
وهذا يدل على أنه كان حداً بل أشدّ ؛ غير أن ذلك الحكم كان ممدوداً إلى غاية وهو الأذى في الآية الأُخرى، على اختلاف التأويلين في أيهما قبلُ ؛ وكلاهما ممدود إلى غاية وهي قوله عليه السلام في حديث عبادة بن الصامت :" خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهنّ سبيلاً البكر بالبِكر جلد مائةٍ وتغريب عامٍ والثيب بالثيب جلد مائة والرجم " وهذا نحو قوله تعالى :﴿ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصيام إِلَى الليل ﴾ [ البقرة : ١٨٧ ] فإذا جاء الليل ارتفع حكم الصيام لانتهاء غايته لا لنسخه.