﴿ أولئك ﴾ أي المذكورون من الفريقين المترامي حالهم إلى الغاية القصوى في الفظاعة ﴿ أَعْتَدْنَا لَهُمْ ﴾ أي هيأنا لهم، وقيل : أعددنا فأبدلت الدال تاءاً ﴿ عَذَاباً أَلِيماً ﴾ أي مؤلماً موجعاً، وتقديم الجار على المفعول الصريح لإظهار الاعتناء بكون العذاب مهيئاً لهم، والتنكير للتفخيم، وتكرير الإسناد لما مر، واستدل المعتزلة بالآية على وجوب العقاب لمن مات من مرتكبي الكبائر من المؤمنين فبل التوبة، وأجيب بأن تهيئة العذاب هو خلق النار التي يعذب بها، وليس في الآية أن الله تعالى يدخلهم فيها البتة، وكونه تعالى يدخل من مات كافراً فيها معلوم من غير هذه الآية، ويحتمل أيضاً أن يكون المراد أعتدنا لهم عذاباً أليماً إن لم تعف كما تدل على ذلك النصوص، ويروى عن الربيع أن الآية منسوخة بقوله تعالى :﴿ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ﴾ [ النساء : ٤٨ ].
واعترض بأن أعتدنا خبر ولا نسخ في الأخبار، وقيل : إن ﴿ أولئك ﴾ إشارة إلى الذين يموتون وهم كفار فلا إشكال كما لو جعل إشارة إلى الفريقين وأريد بالأول المنافقون، وبالثاني المشركون. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٤ صـ ٢٣٩ ـ ٢٤١﴾
ومن فوائد ابن عاشور فى الآية
قال رحمه الله :
وقوله :﴿ وليست التوبة ﴾ إلخ تنبيه على نفي القبول عن نوع من التوبة وهي التي تكون عند اليأس من الحياة لأنّ المقصد من العزم ترتُّب آثاره عليه وصلاح الحل في هذه الدار بالاستقامة الشرعية، فإذا وقع اليأس من الحياة ذهبت فائدة التوبة.
وقوله :﴿ ولا الذين يموتون وهم كفار ﴾ عطف الكفّار على العصاة في شرط قبول التوبة منهم لأنّ إيمان الكافر توبة من كفره، والإيمان أشرف أنواع التوبة، فبيَّن أنّ الكافر إذا مات كافراً لا تقبل توبته من الكفر.