لم يذكره المتقدمون جائز، وبأن مطلوب الصحابة رضي الله تعالى عنهم معرفة حد اللوطي وكمية ذلك، وليس في الآية دلالة عليه بالنفي والإثبات، ومطلق الإيذاء لا يصلح حداً ولا بياناً للكمية فلذا اختلفوا، وبأن المراد من إمساكهن في البيوت حبسهن فيها واتخاذها سجناً عليهن ومن حال المسجون منع من يريد الدخول عليه وعدم تمكينه من الاختلاط، فكان الكلام في قوة فامنعوهنّ عن اختلاط بعضهن ببعض على أن الحبس المذكور حد، وليس المقصود منه إلا الزجر والتنكيل، وأيد مذهبه بتمحيض التأنيث في الآية الأولى والتذكير في الآية الثانية، والتغليب خلاف الأصل، ويبعده أيضاً لفظ منكم فإن المتبادر منه من رجالكم كما في قوله تعالى :﴿ أَرْبَعةً مّنْكُمْ ﴾ [ النساء : ١٥ ] وأيضاً لو كان كل واحدة من الآيتين وارداً في الزنا يلزم أن يذكر الشيء الواحد في الموضع الواحد مرتين وأنه تكرير لا وجه له، وأيضاً على هذا التقدير لا يحتاج إلى التزام النسخ في شيء من الآيتين بل يكون حكم كل واحد منهما مقرراً على حاله، وعلى ما قاله الغير يحتاج إلى التزام القول بالنسخ وهو خلاف الأصل، وأيضاً على ما قالوه يكون الكتاب خالياً عن بيان حكم السحاق واللواطة، وعلى ما قلناه يكون متضمناً لذلك وهو الأنسب بحاله، فقد قال سبحانه :﴿ مَّا فَرَّطْنَا فِى الكتاب مِن شَىْء ﴾ [ الأنعام : ٣٨ ]، و﴿ تِبْيَانًا لّكُلّ شَىْء ﴾ [ النحل : ٨٩ ] وأجيب بأنا لا نسلم أن هذا قول لمجاهد، ففي "مجمع البيان" أنه حمل اللذان يأتيانها على الرجلين الزانيين، وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أنهما الفاعلان وهو ليس بنص على أنهما اللائطان على أن حمل ﴿ اللاتى ﴾ في الآية الأولى على السحاقات لم نجد فيه عنه رواية صحيحة بل قد أخرجوا عنه ما هو ظاهر في