الرابع : أنه تعالى ذكر في الآية السابقة :﴿وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيّنَةٍ﴾ والظاهر من حال المسلم أنه لا يخالف أمر الله، فإذا أخذ منها شيئاً أشعر ذلك بأنها قد أتت بفاحشة مبينة، فإذا لم يكن الأمر كذلك في الحقيقة صح وصف ذلك الأخذ بأنه بهتان، من حيث أنه يدل على إتيانها بالفاحشة مع أن الأمر ليس كذلك.
وفيه تقرير آخر وهو أن أخذ المال طعن في ذاتها وأخذ لمالها، فهو بهتان من وجه وظلم من وجه آخر، فكان ذلك معصية عظيمة من أمهات الكبائر،
الخامس : أن عقاب البهتان والإثم المبين كان معلوماً عندهم فقوله :﴿أَتَأْخُذُونَهُ بهتانا﴾ معناه أتأخذون عقاب البهتان فهو كقوله :﴿إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أموال اليتامى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِى بُطُونِهِمْ نَاراً﴾ [ النساء : ١٠ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٣﴾
قوله تعالى ﴿أَتَأْخُذُونَهُ﴾
قال الفخر :
قوله :﴿أَتَأْخُذُونَهُ﴾ استفهام على معنى الإنكار والإعظام، والمعنى أن الظاهر أنكم لا تفعلون مثل هذا الفعل مع ظهور قبحه في الشرع والعقل.
واعلم أنه تعالى ذكر في علة هذا المنع أمورا :
أحدهما : أن هذا الأخذ يتضمن نسبتها إلى الفاحشة المبينة، فكان ذلك بهتانا والبهتان من أمهات الكبائر.
وثانيها : أنه إثم مبين لأن هذا المال حقها فمن ضيق الأمر عليها ليتوسل بذلك التشديد والتضييق وهو ظلم، إلى أخذ المال وهو ظلم آخر، فلا شك أن التوسل بظلم إلى ظلم آخر يكون إثما مبينا.
وثالثها : قوله تعالى :﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أفضى بَعْضُكُمْ إلى بَعْضٍ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ١٣ ـ ١٤﴾


الصفحة التالية
Icon