الأول : قالوا : إنه قد تُقام اللامُ مقام "أن" في أردت وأمرت، فيقال : أردت أن تذهب، وأردت لتذهب، وأمرتك أن تقوم، وأمرتك لتقوم، قال تعالى :﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ الله﴾ [ الصف : ٨ ] يعني يريدون أن يطفؤا، وقال :﴿وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبّ العالمين﴾ [ الأنعام : ٧١ ].
والوجه الثاني : أن نقول ؛ إن في الآية إضمارا، والتقدير : يريد الله إنزال هذه الآيات ليبين لكم دينكم وشرعكم، وكذا القول في سائر الآيات التي ذكروها، فقوله :﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ الله﴾ يعني يريدون كيدهم وعنادهم ليطفؤا، وأمرنا بما أمرنا لنسلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٥٤﴾
فصل
قال الفخر :
قال بعض المفسرين : قوله :﴿يُرِيدُ الله لِيُبَيّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الذين مِن قَبْلِكُمْ﴾ معناهما شي واحد، والتكرير لأجل التأكيد، وهذا ضعيف، والحق أن المراد من قوله :﴿لِيُبَيّنَ لَكُمْ﴾ هو أنه تعالى بين لنا هذه التكاليف، وميز فيها الحلال من الحرام والحَسَن من القبيح.
ثم قال :﴿وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الذين مِن قَبْلِكُمْ﴾ وفيه قولان :
أحدهما : أن هذا دليل على أن كل ما بين تحريمه لنا وتحليله لنا من النساء في الآيات المتقدمة، فقد كان الحكم أيضا كذلك في جميع الشرائع والمِلَل، والثاني : أنه ليس المراد ذلك، بل المراد أنه تعالى يهديكم سُنَنَ الذين من قبلكم في بيان مالكم فيه من المصلحة كما بينه لهم، فإن الشرائع والتكاليف وإن كانت مختلفة في نفسها، إلا أنها متفقة في باب المصالح، وفيه قول ثالث : وهو أن المعنى : أنه يهديكم سنن الذين من قبلكم من أهل الحق لتجتنبوا الباطل وتتبعوا الحق. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٥٤﴾