واعلم أن لفظ القرآن مقتصر على الأمة، وأما العبد فقد ثبت ذلك في حقه بالحديث عن جابر قال : قال رسول الله ﷺ :" إذا تزوج العبد بغير إذن السيد فهو عاهر ". أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٥٠﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ فانكحوهن بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ﴾ أي بولاية أربابهن المالكين وإذنهم.
وكذلك العبد لا ينكح إلا بإذن سيّده ؛ لأن العبد مملوك لا أمر له، وبدنه كله مستَغرق، لكن الفرق بينهما أن العبد إذا تزوّج بغير إذن سيده فإن أجازه السيد جاز ؛ هذا مذهب مالك وأصحاب الرأي، وهو قول الحسن البَصْرِيّ وعطاء بن أبي رَباح وسعيد بن المسيِّب وشُريح والشَّعْبِيّ.
والأَمَةُ إذا تزوّجت بغير إذن أهلها فُسِخ ولم يجز بإجازة السيد ؛ لأن نقصان الأُنوثة في الأَمَة يمنع من انعقاد النكاح الْبَتَّةَ.
وقالت طائفة : إذا نكح العبد بغير إذن سيده فسخ نكاحه ؛ هذا قول الشافعيّ والأُوْزاعِيّ وداود بن عليّ، قالوا : لا تجوز إجازة المَوْلَى إن لم يحضره ؛ لأن العقد الفاسد لا تصح إجازته، فإن أراد النكاح استقبله على سُنّته.
وقد أجمع علماء المسلمين على أنه لا يجوز نكاح العبد بغير إذن سيده.
وقد كان ابن عمر يَعُدّ العبد بذلك زانياً ويحدّه ؛ وهو قول أبي ثَوْر.
وذكر عبد الرزاق عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، وعن مَعْمَر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه أخذ عبداً له نكح بغير إذنه فضربه الحدّ وفرّق بينهما وأبطل صداقها.
قال : وأخبرنا ابن جُريج عن موسى بن عقبة أنه أخبره عن نافع عن ابن عمر أنه كان يرى نكاح العبد بغير إذن وَلِيّه زِنًى، ويرى عليه الحدّ، ويعاقب الذين أنكحوهما.