نقل أبو بكر الرازي في أحكام القرآن عن بعض أصحاب مالك أن الأمة هي المستحقة لقبض مهرها، وأن المولى إذا آجرها للخدمة كان المولى هو المستحق للأجر دونها وهؤلاء احتجوا في المهر بهذه الآية، وهو قوله :﴿وآتوهن أجورهن بالمعروف﴾ وأما الجمهور فإنهم احتجوا على ان مهرها لمولاها بالنص والقياس، أما النص فقوله تعالى :﴿ضَرَبَ الله مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ على شَىْء﴾ [ النحل : ٧٥ ] وهذا ينفي كون المملوك مالكا لشيء أصلا، وأما القياس فهو أن المهر وجب عوضا عن منافع البضع، وتلك المنافع مملوكة للسيد، وهو الذي أباحها للزوج بقيد النكاح، فوجب أن يكون هو المستحق لبدلها.
والجواب عن تمسكهم بالآية من وجوه :
الأول : أنا إذا حملنا الأجور في الآية على النفقة زال السؤال بالكلية.
الثاني : أنه تعالى إنما أضاف إيتاء المهور إليهن لأنه ثمن بضعهن وليس في قوله :﴿وَءاتُوهُنَّ﴾ ما يوجب كون المهر ملكا لهن، ولكنه عليه الصلاة والسلام قال :" العبد وما في يده لمولاه " فيصير ذلك المهر ملكا للمولى بهذه الطريق والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٥١﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ﴾ دليلٌ على وجوب المهر في النكاح، وأنه للأَمَة.
﴿ بالمعروف ﴾ معناه بالشرع والسُّنّة، وهذا يقتضي أنهنّ أحقُّ بمهورهنّ من السادة، وهو مذهب مالك.
قال في كتاب الرّهون : ليس للسيّد أن يأخذ مهر أَمَته ويَدَعها بلا جهاز.
وقال الشافعيّ : الصداق للسيّد ؛ لأنه عوض فلا يكون للأمة.
أصله إجازة المنفعة في الرقبة، وإنما ذكرت لأن المهر وجب بسببها.
وذكر القاضي إسماعيل في أحكامه : زعم بعض العراقيين إذا زوّج أمته من عبده فلا مهر.
وهذا خلاف الكتاب والسنة وأطنب فيه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٥ صـ ١٤٢﴾.