ولما نهى عن الأكل بالباطل، استدرك ما ليس كذلك فقال :﴿إلا أن تكون﴾ أي المعاملة المدارة المتداولة بينكم ﴿تجارة﴾ هذا في قراءة الكوفيين بالنصب، وعلى قراءة غيرهم : إلا أن توجد تجارة كائنة ﴿عن تراض منكم﴾ أي غير منهي عنه من الشارع، ولعل الإتيان بأداة الاستثناء المتصل - والمعنى على المنقطع - للإشارة إلى أن تصرفات الدنيا كلها جديرة بأن يجري عليها اسم الباطل ولو لم يكن إلا معنياً بها تزهيداً فيها وصدّاً عن الاستكثار منها، وترغيباً فيما يدوم نفعه ببقائه، وهكذا كل استثناء منقطع في القرآن، من تأمله حق التأمل وجد للعدول عن الحرف الموضوع له - " وهو لكن " - إلى صورة الاستثناء حكمة بالغة - والله الموفق.