والأمر عندنا أن الأَمَة إذا زنت وقد أحصنت مجلودة بكتاب الله، وإذا زنت ولم تحصن مجلودةٌ بحديث النبيّ ﷺ ولا رجم عليها ؛ لأن الرجم لا يتنصّف.
قال أبو عمر : ظاهر قولِ الله عز وجل يقتضي ألاّ حدّ على أَمَة وإن كانت مسلمة إلا بعد التزويج، ثم جاءت السنّة بجلدها وإن لم تحصن، فكان ذلك زيادة بيان.
قلت : ظَهْر المؤمن حِمًى لا يُستباح إلا بيقين، ولا يقين مع الاختلاف، لولا ما جاء في صحيح السُّنّة من الجلد في ذلك. والله أعلم.
وقال أبو ثَوْر فيما ذكر ابن المنذِر : وإن كانوا اختلفوا في رجمهما فإنهما يُرجمان إذا كانا محصنَيْن، وإن كان إجماعٌ فالإجماع أوْلى.
واختلف العلماء فيمن يُقيم الحدَّ عليهما ؛ فقال ابن شهاب : مضت السّنّة أن يَحُدَّ العبدَ والأَمَة أهلوهم في الزنى، إلا أن يُرفع أمرهم إلى السلطان فليس لأحد أن يفتات عليه ؛ وهو مقتضى قوله عليه السلام :" إذا زنت أَمَةُ أحدِكم فلْيحدها الحَدّ " وقال عليّ رضي الله عنه في خطبته : يا أيها الناس، أقِيموا على أرِقّائكم الحدّ، من أحصن منهم ومن لم يحصِن، فإن أَمَةً لرسول الله ﷺ زنت فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديث عهد بنفاس، فخشِيت إن أنا جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك للنبيّ ﷺ فقال :" أحسنت " أخرجه مسلم موقوفاً عن عليّ.
وأسنده النسائي وقال فيه : قال رسول الله ﷺ :" أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم من أحصن منهم ومن لم يحصن " وهذا نص في إقامة السادة الحدودَ على المماليك من أحصن منهم ومن لم يحصن.
قال مالك رضي الله عنه : يَحُدّ المولى عبده في الزنى وشرب الخمر والقذف إذا شهد عنده الشهود بذلك، ولا يقطعه في السرقة، وإنما يقطعه الإمام ؛ وهو قول الليث.


الصفحة التالية
Icon