وأبعد من قول الطبري ما ذهب إليه جماعة من أن ذلك إشارة إلى كل ما نهى عنه من القضايا، من أول السورة إلى النهي الذي أعقبه قوله : ومن يفعل ذلك.
وجوز الماتريدي أن يكون ذلك إشارة إلى أكل المال بالباطل، قال : وذلك يرجع إلى ما سبق من أكل المال بالباطل، أو قتل النفس بغير حق، أو إليهما جميعاً انتهى.
فعلى هذا القول يكون في المشار إليه بذلك خمسة أقوال.
وانتصاب عدواناً وظلماً على المفعول من أجله، وجوزوا أن يكونا مصدرين في موضع الحال، أي : معتدين وظالمين. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٣ صـ ٢٤٢ ـ ٢٤٣﴾

فصل


قال الفخر :
قالت المعتزلة : هذه الآية دالة على القطع بوعيد أهل الصلاة.
قالوا : وقوله :﴿فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً﴾ وإن كان لا يدل على التخليد إلا أن كل من قطع بوعيد الفساق قال : بتخليدهم، فيلزم من ثبوت أحدهما ثبوت الآخر، لأنه لا قائل بالفرق.
والجواب عنه بالاستقصاء قد تقدم في مواضع، إلا أن الذي نقوله ههنا : إن هذا مختص بالكفار، لأنه قال :﴿وَمَن يَفْعَلْ ذلك عدوانا وَظُلْماً﴾ ولا بد من الفرق بين العدوان وبين الظلم دفعا للتكرير، فيحمل الظلم على ما إذا كان قصده التعدي على تكاليف الله، ولا شك أن من كان كذلك كان كافراً لا يقال : أليس أنه وصفهم بالإيمان فقال :﴿يا أيها الذين آمنوا﴾ فكيف يمكن أن يقال : المراد بهم الكفار ؟ لأنا نقول : مذهبكم أن من دخل تحت هذا الوعيد لا يكون مؤمنا ألبتة، فلا بد على هذا المذهب أن تقولوا : أنهم كانوا مؤمنين، ثم لما أتوا بهذه الأفعال ما بقوا على وصف الإيمان، فإذا كان لا بد لكم من القول بهذا الكلام.
فلم لا يصح هذا الكلام منا أيضا في تقرير ما قلناه ؟ والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٠ صـ ٥٩﴾


الصفحة التالية
Icon