﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذلك ﴾ أي قتل النفس فقط، أو هو وما قبله من أكل الأموال بالباطل، أو مجموع ما تقدم من المحرمات من قوله تعالى :﴿ يَا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النساء كَرْهاً ﴾ [ النساء : ١٩ ]، أو من أول السورة إلى هنا أقوال : روي الأول : منها عن عطاء ولعله الأظهر وما في ذلك من البعد إيذان بفظاعة قتل النفس وبعد منزلته في الفساد، وإفراد اسم الإشارة على تقدير تعدد المشار إليه باعتبار تأويله بما سبق.
﴿ عدوانا ﴾ أي إفراطاً في التجاوز عن الحد، وقرىء ﴿ عدوانا ﴾ بكسر العين ﴿ وَظُلْماً ﴾ أي إيتاءاً بما لا يستحقه، وقيل : هما بمعنى فالعطف للتفسير، وقيل : أريد بالعدوان التعدي على الغير، وبالظلم الظلم على النفس بتعريضها للعقاب، وأياً مّا كان فهما منصوبان على الحالية، أو على العلية، وقيل : وخرج بهما السهو والغلط والخطأ وما كان طريقه الاجتهاد في الأحكام ﴿ فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً ﴾ أي ندخله إياها ونحرقه بها، والجملة جواب الشرط.
وقرىء ( نصليه ) بالتشديد، و( نصليه ) بفتح النون من صلاه لغة كأصلاه، ويصليه بالياء التحتانية والضمير لله عز وجل، أو لذلك، والاسناد مجازى من باب الاسناد إلى السبب.
﴿ وَكَانَ ذلك ﴾ أي إصلاؤه النار يوم القيامة ﴿ عَلَى الله يَسِيراً ﴾ هيناً لا يمنعه منه مانع ولا يدفعه عنه دافع ولا يشفع فيه إلا بإذنه شافع، وإظهار الاسم الجليل بطريق الالتفات لتربية المهابة وتأكيد استقلال الاعتراض التذييلي. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٥ صـ ١٥ ـ ١٧﴾
من فوائد ابن عاشور فى الآيتين
قال رحمه الله :
﴿ يا أيها الذين ءَامَنُواْ لاَ تأكلوا أموالكم بَيْنَكُمْ بالباطل إِلاَّ أَن تَكُونَ تجارة عَن تَرَاضٍ مِّنْكُمْ ﴾.
استئناف من التشريع المقصود من هذه السورة.