فَإِنْ قِيلَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا فِي الْمُتَسَاوِمَيْنِ إذَا تَسَاوَمَا عَلَى السِّلْعَةِ ثُمَّ وَزَنَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ إلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ وَهُوَ تِجَارَةٌ عَنْ تَرَاضٍ، غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ هَذَا بَيْعًا ؛ لِأَنَّ لِعَقْدِ الْبَيْعِ صِيغَةٌ وَهِيَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ بِالْقَوْلِ، وَذَلِكَ
مَعْدُومٌ فِيمَا وَصَفْت ؛ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" أَنَّهُ ﴿ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمُنَابَذَةِ وَالْمُلَامَسَةِ وَبَيْعِ الْحَصَاةِ ﴾ وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ فِي مَعْنَى هَذِهِ الْبِيَاعَاتِ الَّتِي أَبْطَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوُقُوعِهَا بِغَيْرِ لَفْظِ الْبَيْعِ.
قِيلَ لَهُ : لَيْسَ هَذَا كَمَا ظَنَنْت، وَلَيْسَ مَا أَجَازَهُ أَصْحَابُنَا مِمَّا نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُلَامَسَةِ هُوَ وُقُوعُ الْعَقْدِ بِاللَّمْسِ وَالْمُنَابَذَةُ وُقُوعُ الْعَقْدِ بِنَبْذِهِ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ بَيْعُ الْحَصَاةُ هُوَ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهِ حَصَاةً ؛ فَتَكُونَ هَذِهِ الْأَفْعَالُ عِنْدَهُمْ مُوجِبَةً لِوُقُوعِ الْبَيْعِ، فَهَذِهِ بُيُوعٌ مَعْقُودَةٌ عَلَى الْمُخَاطَرَةِ وَلَا تَعَلُّقَ لِهَذِهِ الْأَسْبَابِ الَّتِي عَلَّقُوا وُقُوعَ الْبَيْعِ بِهَا بِعَقْدِ الْبَيْعِ.


الصفحة التالية
Icon